خطبة الجمعة القادمة مكتوبة إعداد الشيخ أحمد عبد الله عطوه بعنوان المال العام وحرمة التعدي عليه


خطبة الجمعة القادمة مكتوبة إعداد الشيخ أحمد عبد الله عطوه بعنوان المال العام وحرمة التعدي عليه

عناصر الخطبة: خطبة الجمعة القادمة مكتوبة، خطبة وزارة الأوقاف خطبة وزارة الأوقاف، خطب اون لاين، خطبة جاهزة أوقاف أون لاين، خطبة الجمعة القادمة أوقاف أون لاين، خطبة وزارة الأوقاف pdf ، خطبة الجمعة القادمة مكتوبة، خطبة الاسبوع القادم ، خطبة الأسبوع القادم ، خطبة الإسبوع ، خطبة الجمعة اليوم، خطبة الجمعة لهذا اليوم.

1/ أهمية المال العام٠٠٠٠؟

2/حرص الإنسان على المال العام٠٠٠٠٠؟

3/موقف المتقدمين والمتأخرين من المال٠٠٠٠٠ ؟

/نماذج من ورع السلف من المال العام ٠٠٠٠٠

المقدمة

الحمد كما ينبغي له أن يحمد وله الشكر فلا أحد أحق بالشكر منه

وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الخلق ورزقهم

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أحل لنا الطيبات ، وحرم علينا الخبائث ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد

مَنْ يَتَّقِ الله يُحْمَـــــــــد في عَواقِبِــــــــــــــه وَيكفِهِ شَرَّ مَنْ عزُّوا ومَنْ هانوا

واشدُدْ يَدْيكَ بحَبلِ الدِّينِ مُعتَصِماً فإنَّهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ

مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَـــــــــــــــــبٍ فإنَّ ناصِرَهُ عَجزٌ وخِذْلانُ

أما بعد:

عباد الله: إن المال هو عصب الحياة، وزينةٌ من زينتها ومقوم كبير من مقوماتها، به يصان الإنسان من القلة ويعز من الذلة ولهذا فُطر المرء على حبه، وطبع على طلبه والبحث عنه. يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ) [الفجر: 20]، ويقول: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات: 6-8]، والمقصود بالخير هنا في هذه الآية هو المال، وقال -جل وعلا-: (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُوراً) [الإسراء: 100].

فهذه الآيات الثلاث يبين الله فيها حرص الإنسان على المال، وحبه الشديد له وأنه لو كان يملك خزائن الله التي لا تنفد ولا تبيد لأمسك وبخل خشية أن ينفد ما ينفق منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله، ولكن هكذا الإنسان طبع على الشح والبخل.

عباد الله: لقد جاء الإسلام، وهذب نفوس البشرية تجاه المال، وبيّن حلاله وحرامه، وطرق اكتسابه وانفاقه، وعلمّ الناس كيفية التعامل معه وبه، فكلما كان المرء متمسكاً بدينه ملتزماً بأحكامه وضوابطه كلما تهذبت نفسيته مع المال، وتعامل معه تعاملاً شرعياً صحيحاً. وكلما ابتعد المرء عن الدين وتعاليمه ولم يعرف أحكامه وضوابطه كلما جشعت نفسه وتسعرت نفسيته وسقطت أخلاقه في التعامل مع المال

فإذا صلح الزمان صلحت الذمم والأخلاق وإذا فسد الزمان فسدت الذمم والأخلاق حتى ترفع الأمانة وتكثر الخيانة وتنتشر الأخلاق الرديئة من الكذب والزور والرشوة والظلم ويعم الفساد جميع مناحي الحياة ،

في صحيح البخاري قال أبو حميد الساعدي قام رسول الله فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ” أما بعد، فإني أستعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم، وهذه هدية أهديت لي، فهلا جلس في بيت أبيه، وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا، فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئا بغير حقه إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر» ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه: «اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت»

هذا من أعظم ركائز أمانة حفظ مال المسلمين ولا يجوز بحال من الاحوال العبث بثروات الامة ومكتسباتها أو استخدامها في غير محلها .

فمن غل شيئا لا حق له فيه دون المسلمين جاء يحمله على ظهره يوم القيامة ليحاسب عليه [وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ]

وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غَنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط، ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القُرى ومعه عبد له يقال له مِدْعَم ، فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر حتى أصاب ذلك العبد فقال الناس هنيئا له الشهادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين فقال هذا شيء كنت أصبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شراك أو شراكان من نار.

ولما علم بعض الصحابة رضي الله عنهم ما في الغلول ما أخذ شيئا من حق المال العام من الإثم العظيم، والعقوبة الشديدة، والفضيحة في الدنيا الآخرة ؛ استعفوا من الولاية ، واعتذروا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قبولها ؛ خوفا من أن يلحقهم شيء من الغلول ، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذرهم ، وأعفاهم من وظائفهم ، كان منهم سعد بن عبادة رضي الله عنه وقصته في صحيح مسلم من حديث عدي بن عميرة الكندي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة ، قال: فقام إليه رجل من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك، قال: ومالك؟ قال:سمعتك تقول كذا وكذا ، قال عليه الصلاة والسلام: وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه انتهى) وفي رواية للحاكم قال عليه الصلاة والسلام :(يا سعد إياك أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء، قال: لا آخذه ولا أجيء به فأعفاه)

وفي مسند الإمام احمد ( أن رجلا من المسلمين توفي بخيبر فذكر لرسول فقال صلوا على صاحبكم قال فتغيرت وجوه القوم لذلك ، فلما رأى الذي بهم قال :إن صاحبكم غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا ما يساوي درهمين).

فإذا كان الغال يؤاخذ بسير النعل الذي لا يساوي شيئا،أو خرزا لاتساوي درهمين ، فكيف بما فوقه من المال والمتاع العظيم ؟! فيا ويل من استحلوا الأموال العظيمة بمجرد وصولهم إليها ، وائتمانهم عليها، والامر أشد وأعظم حينما يستحلها الإنسان بتأول صادف ، وطمعا في نفسه وافق شهوة

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي كرم بني آدم وجعل رزقهم من الطيبات، وسخر لهم ما في الأرض جميعًا وما في السموات، أحمده -سبحانه- على جزيل الفضل والهبات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والأسماء والصفات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي دعا الناس كافة إلى إفراد الله بالعبادات، وحرم عليهم الخبائث وأحل لهم الطيبات، وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهديهم في الأقوال والأفعال والاعتقادات.

أما بعد:

عباد الله: لقد كان السلف -رضي الله عنهم- في قمة الحذر، وفي غاية الخوف من أن تصل إلى أجوافهم ولو لقمة من الحرام، فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير خلق الله وأتقاهم لله، يقول: “إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، ثُمَّ أَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا” [مسلم (1070)].

وهذا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وأرضاه كان له غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ: تَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ: “وَمَا هُوَ؟ قَالَ :كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلاَّ أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ. فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ” [البخاري (3842)].

ورُوي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شرب لبنًا فأعجبه، فقال للذي سقاه: “من أين لك هذا؟” فقال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وهذه امرأة من الصالحات تقول لزوجها: “اتق الله في رزقنا، فإنا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار“.

لو نظرنا في موضوع المال العام بين نظرتين، نظرة الأولين وورعهم في التعامل معه، ونظرة المتأخرين وهلعهم عليه؛ لو جدنا الفرق الكبير بين ورع الأولين، وهلع المتأخرين.

إن السلف ينفقون أموالهم في سبيل الله، ويتصدقون بها في وجوه الخير، ويقتصدون في المعيشة بلا إسراف ولا تبذير، حتى لو كانوا من أهل الغنى، ولا يتطلعون إلى ما في أيدي الناس، ولا ينظرون إلى ما عندهم، فضلاً عن أن يسألوهم أو يطلبوا منهم شيئا، وينظرون دائماً إلى من هو أسفل منهم، وليس إلى من هو أعلى منهم، ويقنع كل واحد منهم بما أعطي، ولا يفكر الواحد منهم في المستقبل؛ لأنه يعلم أن الرزاق باق حي لا يموت، وإذا اشتركوا في تجارة تجدهم فيها كالإخوة، يقتسمون المال بينهم بالسوية، أما اليوم فالواقع عكس ذلك تماماً في كل هذه الأمور.

دعِ الحرصَ على الدنيا *** وفي العيش فلا تطمَع

فلا تجمع من المال *** فما تدري لمَن تجمع

فإن الرزق مقسوم *** وسوءَ الظنِّ لا ينفع

وأختم بهذا الحديث العظيم، وأترك التعليق لكل فرد منا؛ لينظر الفرق بين المتقدمين والمتأخرين مع المال. روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلاَمٌ، وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ، قَالَ : أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا” [البخاري (3472 ) مسلم (1721)].

صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فبدأ بنفسه، وثنى بالملائكة المسبحة بقدسه، وثلث بكم أيها المؤمنون من جنه وإنسه، فقال عز من قائل –كريم-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].

عدد المشاهدات : 186

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *