خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ عمر عبد العزيز بعنوان حرمة السخرية والاستهزاء بالناس




خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ عمر عبد العزيز بعنوان حرمة السخرية والاستهزاء بالناس، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، سل آدم لما تاب عليه الإله واصطفاه ، وسل نوحا لما بالطوفان نجاه، وسل أيوب لما شفاه، وسل يعقوب لما ابيضت من الحزن عيناه، وسل يوسف لما حقق له الإله رؤياه، وسل إبراهيم من برداء الخلة كساه، وسل إسماعيل لما فداه، بل سائل الكون كله ستجد أن الكون كله يوحد الله وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا وقرة أعيننا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم


ثم أما بعد ،،،،
حديثنا معكم اليوم عن ( حرمة السخرية والاستهزاء بالناس)
لقد نهى المولى عز وجل عن السخرية بأنواعها المختلفة فقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم … ) الآية الحجرات 11 قال الضحاك: نزلت في وفد بني تميم كانوا يستهزئون بفقراء الصحابة مثل عمار وخباب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبى حذيفة وغيرهم لما رأوا من رثاثة حالهم فنزلت في الذين آمنوا منهم “. وقيل: نزلت في عكرمة بن أبى جهل حين قدم المدينة مسلما، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا : ابن فرعون هذه الأمة فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت، وقيل نزلت في ثابت لما عير رجلاً بأم له في الجاهلية فاستحيا الرجل فنزلت .

قال القرطبي في تفسيرها: يقول تعالى ذكره :يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين عسى أن يكونوا خيراً منهم أي المهزوء منهم خير من الهازئين ، ولا نساء من نساء أي: ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات عسى المهزوء منهن أن يكن خيراً من الهازئات “أيها المسلم، في عهد نبينا  بعضُ ضعفاء الإيمان تحدَّثوا بكلام سيئ، عابوا فيه الرسول وأصحابه، فكفَّرهم الله بتلك المقولة، قال قائلهم: ما رأينا مثلَ قرائنا هؤلاء، أكذبُنا ألسنة، وأجبنُنا عند اللقاء، وأرغبُنا بطوناً، وصفوهم بكذب الحديث والجبن والشرَه في الطعام والشراب، وهم في ذلك كاذبون، قالوها من باب السخرية بهم، يعنون رسولَ الله وأصحابَه القراء أهلَ الصدق والإيمان والوفاء، فأنزل الله: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)، قال الله: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة:65، 66]، فحكم الله عليهم بالإيمان، ثم حكم عليهم بالكفر بعد الإيمان بسبب استهزائهم بمحمد وأصحابه.

خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ عمر عبد العزيز بعنوان حرمة السخرية والاستهزاء بالناس


والسلوك البشري العدواني مستقبح في الفطر السليمة، وما وظيفة الأديان إلا التأكيد على قبحه، والتوعد على فعله، والترغيب في البعد عنه.

وإذا كان العدوان مستقبحا كله، فإنه أشد ما يكون قبيحا وقت أن يكون على الضعيف في جسمه،  أو الفقير في ماله، أو الصغير في سنه، أو  المهيض في بنيانه، أو المبتلى في  عقله، ولبشاعة العدوان حينئذ، ولخروج المعتدي حينئذ من إنسانيته إلى سلوك الحيوانات الضارية، أسماه الناس باسم خاص به، فأطلقوا عليه “ التنمر” .

التنمر صورة مصغرة من الاحتلال ، والاستبداد ، والبلطجة الاجتماعية – وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي – فالمشترك في كل هذه الظواهر العدوانية، هو اعتداء القوي على الضعيف.

المسلم من سلم منه المسلمون وللإسلام قصب السبق في معالجة هذه الظاهرة، فمن ذلك:
زخرت السنة بنصوصها التي تبين أن من صفات المسلم الأساسية أن يسلم الآخرون من أذاه، بل جعلت السنة هذه الصفة لأهميتها تعريفا للمسلم، بحيث لا تنفك عنه، ولا ينفك عنه، وإلا لما استحق وصف المسلم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله – ﷺ – قال: «المسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويده


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا عباد الله، أُوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ولْنَعْلمْ أنَّ السُّخريةِ من الناس تَدُلُّ على نَقْصٍ في الإيمان، وضَعفٍ في الدِّين، وسَخافَةِ عقلٍ وسُوءِ خُلُق، ومن صور السُّخرية والاستهزاء: الاستهزاءُ بأهلِ الفَضْلِ والخيرِ من المؤمنين والمؤمنات، قال سُبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ [المطَّففين:29 – 30].



وقد بيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ السُّخريةَ من المؤمنين صِفةٌ من صِفات المنافقين، فقال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].



يقول ابنُ كثيرٍ رحمه الله في تفسير هذه الآية: “وهذه أيضًا من صفات المنافقين: لا يَسْلَمُ أحَدٌ من عَيْبِهم ولَمْزِهم في جميع الأحوال، حتى ولا المُتَصَدِّقونَ يَسْلمونَ منهم، إن جاء أحَدٌ بِمالٍ جَزيلٍ قالوا: هذا مُرَاءٍ، وإنْ جاءَ بِشَيءٍ يَسيرٍ قالوا: إنَّ اللهَ لَغَنِيٌ عن صَدَقَةِ هذا”[4].

عباد الله، “ومن الناس من يَسْخرُ من عباد الله لِضَعْفٍ في قُوَّتِهم، أو تَشوُّهٍ في صُورتِهم، أو إعاقةٍ في حركاتهم، ولا يليق هذا بمؤمنٍ مُوقِنٍ بأنَّ اللهَ تعالى هو الخَالقُ الواهِب، ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: 14]، فإذا رأيتَ مُبْتلىً في بَدنِه فاحْمَدِ اللهَ الذي عافاكَ مما ابتلاهُ به، وسَلِ اللهَ تعالى له الشِّفاءَ والعافية، وقَدِّمْ له من المَعونَةِ ما تَسْتَطيعُ، وأشْعِرْهُ أنَّكَ تُحِبُّهُ وتَتضامَنُ مَعَه.


ونسأل الله العلي القدير أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، اللهم استر عيوبنا وآمن روعاتنا ، اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل ،والجبن والبخل ، وضلع الدين وغلبة الرجال


اللهم ارزقنا الأمن والأمان وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



عدد المشاهدات : 533

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *