خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير، حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”.
خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير
أيها المؤمنون، إن الله تعالى قد فضل بعض عباده على بعض، وجعل من أسباب الرفعة في الدنيا والآخرة الإيمان بالله والعمل الصالح، والتمسك بالعلم والمعرفة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”.
أهمية العلم في الإسلام:
إن الإسلام دين العقل والمعرفة، وقد حثنا الله تعالى ورسوله الكريم على طلب العلم والتعلم، فالعلم نور يهدي إلى الصراط المستقيم، وهو سلاح المؤمن في مواجهة الجهل والتخلف.
عباد الله إن أول كلمة في أول آية في أول سورة نزلت (اقرأ) ما أقرأ؟ أول قراءة أُمرنا بها قراءة البحث والإيمان ثم قراءة الشكر والعرفان {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} في هذه الآيات إشارة إلى طلب العلم النافع الذي يبني ولا يهدم والذي يصلح ولا يفسد والذي ينقل صاحبه إلى الإيمان بالله الخالق البارئ وينقله إلى ذكر الله تعالى وشكره.
عباد الله لقد جعل الله تعالى العلماء ورثة الأنبياء، قال تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إن الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ»، الأنبياء لم يتركوا لنا مالًا أو جواهرَ، أو ذهبًا أو فضة، وإنما تركوا لنا العلم، الذي عنده العلم قد أخذ أوفر الحظوظ، فلا شيء في الدنيا أشرف من العلم؛ لذلك أمر الله عز وجل نبيَّه أن يستزيدَه من العلم؛ قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، قال العلماء: لو كان شيء أشرف من العلم، لأمرَ اللهُ نبيَّه أن يستزيده منه كما أمره أن يستزيده من العلم.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه صاحب رسول الله صلي الله عليه وسلم: «كن عالماً أو متعلماً أو محباً أو متبعاً، ولا تكن الخامس فتهلك».
وقال سفيان: (ما أعلم عملا أفضل من طلب العلم وحفظه، لمن أراد الله به خيراً.
وقال: قال الحسن بن صالح إن الناس ليحتاجون إلى هذا العلم في دينهم كما يحتاجون إلى الطعام والشراب في دنياهم.).
وأيضًا الشافعي -رحمه الله تعالى -قال: “ليس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم”
ورحم الله من قال:
لَيسَ الجَمالُ بِأَثوابٍ **** تُزَيِّنُنا إِنَّ الجَمالَ جَمالُ العَقلِ وَالأَدَبِ
لَيسَ اليَتيمُ الَّذي قَد ماتَ والِدُهُ **** إِنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلمِ وَالأَدَبِ
ما هي فوائد العلم للمؤمن؟
للعلم فوائد جمة للمؤمن، منها:
1. زيادة الإيمان: فالعلم يقوي الإيمان بالله ورسوله، ويزيد من اليقين بالغيب.
2. تهذيب النفس: فالعلم يزكي النفس ويطهرها من الرذائل والأخلاق السيئة.
3. خدمة المجتمع: فالعالم يخدم مجتمعه وينفع الناس بعلمه وخبرته.
4. الاقتداء بالأنبياء والرسل: فالعلم يقربنا من أنبياء الله ورسله، ويساعدنا على اتباع سنتهم.
دور العلم في بناء المجتمع:
إن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم والمعرفة، فالعلم هو أساس التطور والتقدم، وهو الذي يجعل الأمم قوية ومزدهرة. والعلم هو الذي يحمي المجتمع من التطرف والجهل، ويقوي أواصره الاجتماعية. كما نبه رسولنا الكريم على أهمية العلم، وأن ضياعه يعنى ضياع الأمم، وجعله من علامات الساعة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل))، وفي رواية: ((يقل العلم، ويكثر الجهل، ويُشرب الخمر، ويظهر الزنا)).
أيها الاخوة والاخوات بالعلم تتغير المجتمعات بل العالم كله وإليك بعض الأمثلة واكتفي بمثالين فقط:
• هل تخيلتم مثلا كيف كان الأمر لو أردنا عمل عملية لإنسان دون مخدر؟
بحث العلماء منذ القدم على حلول لتسكين الألم الحادة التي يعاني منها المرضى وخصوًصا أولئك الذين بحاجة إلى اجراء العمليات الجراحية، إلى أن اكتشف طبيب الأسنان وليم ورتون المركب العضوي “الأثير” والذي عرف عنه أن له خواص خافضة للألم ومفقدة للإحساس، وبعد سلسلة من التجارب استطاع أن يطبقه على عدة حالات مرضية، وفي سبتمبرعام1846استخدمه أول مرة في جراحة الأسنان.
• هل تخيلتم عدد حياة المرضى المصابون بمرض السكري كيف كانت ستكون لو لم يكتشف العلماء الانسولين؟
تشير التقديرات إلى أن 537 مليون شخص يعيشون حاليًّا مع مرض السكري في جميع أنحاء العالم.
في عام 1921، خطرت لدى فريدريك بانتنج فكرة أن خلايا جزيرة البنكرياس قد تنتج هرمونًا يمكنه تنظيم مستويات السكر في الدم. استعان بتشارلز بيست، وهو طالب طب، وقاما معًا بإجراء تجارب لعزل واستخلاص الأنسولين من بنكرياس الكلاب. لقد نجحوا في تنقية الأنسولين وأظهروا قدرته على خفض مستويات السكر في الدم لدى الكلاب المصابة بالسكري.
كيف نعمل على رفع درجاتنا؟
لرفع الدرجات علينا أن نسعى جاهدين لطلب العلم النافع، وأن نعمل على تطبيقه في حياتنا، وأن ننشر العلم والمعرفة بين الناس. علينا أن نكون قدوات حسنة لأبنائنا وأحفادنا، وأن نحثهم على طلب العلم والتعلم.
أيها الإخوة الطلاب الأعزاء، مع بداية العام الدراسي الجديد، أود أن أقدم لكم بعض النصائح التي ستساعدكم على تحقيق النجاح والتفوق:
• تذكروا الله دائماً: ابدأوا يومكم بذكر الله، وصلاته، واقرأوا القرآن الكريم، فهذا يزيد من طمأنينة القلب ويركز العقل.
• الجد والاجتهاد: العلم نور، والجد والاجتهاد هما مفتاح النجاح. خصصوا وقتًا كافيًا للدراسة، وابتعدوا عن كل ما يشغلكم عنها.
• الاستماع الجيد للمعلم: المعلم هو مرشدكم، فاستمعوا إليه جيدًا، واسألوا عن كل ما لا تفهمونه.
• التعاون مع زملائكم: التعاون يولد التعاون، فتعاونوا مع زملائكم في الدراسة، وتبادلوا الأفكار والمعلومات.
• الاهتمام بالصحة: حافظوا على صحتكم، ناموا جيدًا، وتناولوا طعامًا صحيًا، ومارسوا الرياضة بانتظام.
• الابتعاد عن كل ما يضر: ابتعدوا عن كل ما يضر بدينكم ودنياكم، كالسهر والتدخين والمخدرات.
• الهدف الواضح: حددوا أهدافكم الدراسية، واسعوا لتحقيقها بكل جد واجتهاد.
• الثقة بالنفس: ثقوا بأنفسكم وقدراتكم، ولا تيأسوا عند مواجهة الصعوبات.
• الدعاء: لا تنسوا الدعاء، فالله تعالى هو المعطي، وهو القادر على أن يوفقكم للنجاح.
ختامًا:
أيها المؤمنون، إن الله تعالى قد جعل العلم مفتاحًا لكل خير، وهو السبيل إلى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة. فلتجعلوا طلب العلم هدفًا لكم، وليكن العلم زادكم في رحلتكم في هذه الحياة.
اللهم ارزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، والقبول عندك.
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أعدها الشيخ
ماهر السيد خضير
امام وخطيب ومدرس بأوقاف المنوفية
No comment