خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير بعنوان “المال العام وحرمة التعدي عليه”

لغة القرآن والحفاظ على الهوية موضوع خطبة الجمعة للشيخ ماهر خضير

الشيخ ماهر خضير من علماء وزارة الأوقاف والأزهر الشريف


خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير بعنوان “المال العام وحرمة التعدي عليه” بسم الله الرحمن الرحيم خطبة بعنوان المال العام وحرمة التعدي عليه أعدها الشيخ / ماهر السيد خضير

لتحميل خطبة الجمعة ملف ورد اضغط هنا

لتحميل خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير اضغط هنا


أما بعد، أيها المؤمنون، فإنني أقف أمامكم اليوم لأتحدث عن مسألة بالغة الأهمية، وهي حرمة المال العام. إن هذا المال هو مال الأمة، وهو أمانة في أعناق من يتولى أمره، ومن يتلاعب به أو يسرقه فهو خائن للأمانة وخائن للأمة.

خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير بعنوان “المال العام وحرمة التعدي عليه”


ولكي يتضح لنا خطورة وأهمية هذا الموضوع تأملوا هذه القصة العظيمة لنعلم حرمة المال العام في رجل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي خدمته، ومع هذا انظروا إلى عقوبته، جاء في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلم نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ وَالمتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إِلَى وَادِي الْقُرَى وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المغَانِمِ لم تُصِبْهَا المقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا”. فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بِشِرَاكٍ، أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “(شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ”(أخرجه البخاري: 3993


عباد الله ما هو المال العام؟
المال العام هو كل مال يملكه المجتمع ككل، سواء كان مالًا للدولة أو لمؤسساتها العامة، أو مالًا للأوقاف، أو أموالًا جمعت من المجتمع لأغراض عامة. وهو مال يجب أن يصرف ويستخدم في مصالح الناس جميعًا، وأن يحفظ من الضياع والسرقة والفساد.
لماذا حرم الله تعالى التعدي على المال العام؟
• لأنه حق للجميع: المال العام هو حق لكل فرد في المجتمع، ومن حق كل فرد أن يستفيد منه.
• لأنه أمانة: من يتولى أمر المال العام فهو أمين عليه، وعليه أن يحافظ عليه ويصرفه في مصالح الناس.
• لأنه سبب للفساد: التعدي على المال العام يؤدي إلى الفساد والظلم، ويضعف المجتمع ويؤخر تقدمه.
• لأنه من كبائر الذنوب: إن التعدي على المال العام من كبائر الذنوب، والعياذ بالله، وقد حذرنا الله تعالى منه في كتابه الكريم.

أفضل مكنسة صنعت للمساجد


روى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَامَ فِينَا النبي -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ قَالَ: “لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ”(أخرجه البخاري: 2908).


ما هي صور التعدي على المال العام؟


• الرشوة: وهي ما يُعْطى ويُبذَلُ لإبطالِ حقٍّ، أو لإحقاقِ باطلٍ، وقد نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنها، وحذَّر منها تحذيرًا شديدًا؛ حيث لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ (الرَّاشيَ والمُرتَشي)
• الاختلاس: والسارق مأثوم، وعقوبة السرقة قطع اليد، كما قال تعالى:﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[المائدة: 38]، وفي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن اللهُ السارقَ، يسرقُ البيضةَ فتقطعُ يدُه، ويسرقُ الحبلَ فتقطعُ يدُه))
• الاتجار بالمخدرات واستعمالها: قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، وفي الحديث: ((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ))
• الربا: فأكله والتعامل به محرم بنص القرآن والسُّنَّة، فمن القرآن: قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، ومن السنة: ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ آكلَ الربا، ومُوكِلَه، وكاتبَه، وشاهديْه، وقال: ((هم سواءٌ).


• ومن صور التعدي على المال العام: الغصب؛ وهو الاستيلاء على حق الغير عدوانًا بغير حق على سبيل الظلم، وذلك محرم إجماعًا؛ لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، ومن ذلك غصْبُ الأرض، والاستيلاءُ عليها، وقد توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم من غصبَ أرضًا، وانتزعها من صاحبها بأشد الوعيد، فعن عبدالله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ من الأرضِ شيئًا بغيرِ حقِّه، خُسِفَ به يومَ القيامةِ إلى سبعِ أرضين)
• التهرب الضريبي: وهو عدم دفع الضرائب المستحقة للدولة.


ما هي عواقب التعدي على المال العام؟
• غضب الله: إن الله تعالى غاضب على من يتعدى على حقوق الناس وعلى أموالهم.
• العقوبة الدنيوية: يعاقب الله تعالى في الدنيا من يتعدى على المال العام، وقد يعاقبه في الآخرة.
• تخلف المجتمع: يؤدي التعدي على المال العام إلى تخلف المجتمع وتدهوره.
• فقدان الثقة: يفقد الناس ثقتهم في الحكام والمسؤولين.
ما هي الحلول لمشكلة التعدي على المال العام؟
• التقوى والورع: يجب على كل فرد أن يتقي الله تعالى في ماله وفي مال غيره.
• المحاسبة: يجب محاسبة كل من يتعدى على المال العام، وتطبيق القانون عليه.
• الشفافية: يجب أن تكون هناك شفافية في إدارة المال العام، وأن يكون المواطنون على اطلاع على كيفية إنفاقه.
• التوعية: يجب توعية الناس بأهمية الحفاظ على المال العام، وبخطورة التعدي عليه.
ختامًا:
أيها المؤمنون، إن حماية المال العام واجب على كل مسلم، وهو مسؤولية مشتركة بين الحاكم والمحكوم. علينا جميعًا أن نعمل جاهدين للقضاء على الفساد، وحماية المال العام، وبناء مجتمع عادل ورخي.
اللهم ارزقنا الهداية والتقوى، واجعلنا من عبادك الصالحين، اللهم آمين.
دعاء:
اللهم يا رب العالمين، اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واجعلنا من الذين يحفظون أماناتك ويؤدون الأمانة التي ائتمنتهم عليها، اللهم آمين.
أعدها الشيخ
ماهر السيد خضير
امام وخطيب ومدرس بأوقاف المنوفية

عدد المشاهدات : 187

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *