خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خضير بعنوان “وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا”

لغة القرآن والحفاظ على الهوية موضوع خطبة الجمعة للشيخ ماهر خضير

الشيخ ماهر خضير من علماء وزارة الأوقاف والأزهر الشريف


خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خطير بعنوان “”وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا”

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة بعنوان”وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا”

سيدنا محمد (ﷺ) نبي الاسلام والسلام

خطبة الجمعة القادمة مكتوبة أعدها الشيخ / ماهر السيد خضير

أما بعد: أيها الإخوة والأخوات الكرام، لقد جاء الإسلام برسالة سامية تحمل في طياتها الرحمة والمودة للبشرية جمعاء، وكان النبي (ﷺ) خير قدوة في تطبيق هذه الرسالة السامية. فقد كان أرق قلبًا وألين نفسًا، وكان يعامل الناس بلطف وإحسان، حتى أطلق عليه لقب “الحبيب” و”الرحيم”.

قال تعالى واصِفًا نبيَّه الكريمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله ادع على المشركين، قال: ((إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة))

أيها المؤمنون، إن من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا أن بعث لنا خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (ﷺ)، رحمة للعالمين. جاء لينور لنا الدروب، ويخرجنا من الظلمات إلى النور، ويدعونا إلى عبادة الله وحده لا شريك له.

والحق ما شهدت به الأعداء

يقول المستشرق الأمريكي “سنكس”: ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.

نبي الرحمة والسلام

كان سيدنا محمد (ﷺ) نبي السلام، فقد جاء بدين السلام، ودعا إلى العيش بسلام مع جميع الناس، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لونهم. لقد كان يسعى إلى توحيد البشرية تحت راية الإسلام، دين المحبة والسلام والتسامح. عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ((هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني،

فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؛ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا))

خطبة الجمعة القادمة منبر الدعاة

إن سيدنا محمد (ﷺ) هو نبي الرحمة والسلام، فقد جاء ليرحم الخلق أجمعين، ولم يأت ليعذبهم. كان أرحم الناس بعباده، وكان ألين قلبًا وأطيب نفسًا. وقد وصفه الله تعالى بأنه رحمة للعالمين، فقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].

والحق ما شهدت به الأعداء يقول العلامة الألماني “كارل هيرنش بكر”: لقد أخطأ من قال أن نبي العرب دجال أو ساحر، لأنه لم يفهم مبدأه السامي، إن محمداً جدير بالتقدير ومبدأه حري بالإتباع، وليسلنا أن نحكم قبل أن نعلم، وأن محمدًا خير رجل جاء إلى العالم بدين الهدى والكمال”.

عباد الله لقد سار صحابة رسول الله (ﷺ) ومن جاء بعدهم على نهجه، واقتدوا به في التمسك بهذا الخلق الكريم، وقال الله تعالى في وصفهم: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)

وإليك شيئا من أخبارهم

مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه براهب فوقف، ونودي بالراهب، فقيل له: هذا أمير المؤمنين، فاطلع فإذا إنسان به من الضر والاجتهاد وترك الدنيا، فلما رآه عمر بكى! فقيل له: إنه نصراني، فقال عمر: قد علمت، ولكني رحمته، ذكرت قول الله عز وجل: (عاملة ناصبة تصلى نارا حامية) [الغاشية: 3- 4]  رحمت نصبه واجتهاده وهو في النار

وكَتَب عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمه اللهُ إلى حيَّانَ بمِصرَ: (إنَّه بلغني أن بمصرَ إبِلًا نقَّالاتٍ، يُحمَلُ على البعيرِ منها ألفُ رِطلٍ، فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرِفَنَّ أنَّه يُحمَلُ على البعيرِ أكثَرُ من ستِّمائةِ رِطلٍ، وكتب إلى صاحِبِ السِّكَكِ أن لا يحمِلوا أحَدًا بلِجامٍ ثقيلٍ من هذه الرستنيَّةِ، ولا يُنخَسَ  بمِقرَعةٍ  في أسفَلِها حديدةٌ)

قدوة حسنة

عباد الله كان رسول الله (ﷺ) قدوة حسنة لنا في كل شيء، في أخلاقه، في معاملاته، في حياته اليومية. كان أعظم مثال للإنسان الكامل، وقدوة لكل مسلم ومسلمة. وقد قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.

 والحق ما شهدت به الأعداء

 يقول الفيلسوف الإنجليزي “توماس كارليل”: لقد أصبح من العار على أي فـرد متمديـن من أبناء هذا العصر، أن يصغى إلى ما يدعيه بعض الجهال الحاقدين، من أن دين الإسلام كذب، وأن محمدًا ليس بنبي، إن علينا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة.

داعية إلى الله باللطف والحكمة

كان رسول الله (ﷺ) يدعو الناس إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يستخدم القوة أو الإكراه. وقد قال تعالى:﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.  

وكان رسول الله (ﷺ) صاحب عقل رفيع وفؤاد سليم، وكان حكيماً في أقواله وأفعاله. وقد كان يواجه المشكلات بحكمة وعقلانية، وكان يجد الحلول المناسبة لكل مشكلة. يقول المستشرق غوستاف لوبون: إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد -صلى الله عليه وسلم- من أعظم من عرفهم التاريخ، وقد أخذ علماء الغرب ينصفون محمدًا صلى الله عليه وسلم مع أن التعصب الديني أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الاعتراف بفضله.

مــن أينَ أبدأ ُوالحديثُ غــرامُ ؟ فالشعرُ يقصرُ والكلامُ كلامُ

مــن أينَ أبدأ ُفي مديح ِمحمـــــــدٍ ؟ لا الشعرُ ينصفهُ ولاالأقلامُ

هو صاحبُ الخلق ِالرفيع ِعلى المدى هو قائدٌ للمسلمينَ همـــــــامُ

هو سيدُ الأخلاق ِدون منافـــــــــس ٍ هو ملهمٌ هو قائدٌ مقــــــدامُ

مــــــاذا نقولُ عن الحبيبِ المصطفى فمحمدٌ للعالمين إمــــــــــامُ

مـــــــاذا نقولُ عن الحبيـبِ المجتبى في وصفهِ تتكسرُ الأقــــلامُ

ختامًا يقول الامام ابن القيم”إنَّما السَّعَادَةُ الطَّامِحَةُ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَالشَّقَاوَةُ الطَّامِحَةُ مخالفتُها”. ويقول العلامة ابن حجر العسقلاني: “إنَّ السُّنَّةَ هي الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى”.

أيها الإخوة والأخوات، إن التأسي بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو السبيل إلى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة. فلتجعلوا سنته مصباحًا يضيء لكم دروب المستقبل. دعونا نسعى جاهدين للاقتداء به في أخلاقه وسلوكه، وفي تعامله مع الناس. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أعدها الشيخ

 ماهر السيد خضير امام وخطيب ومدرس بأوقاف المنوفية

عدد المشاهدات : 11

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *