خطبة الجمعة مكتوبة للشيخ ثروت سويف بعنوان صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان، بتاريخ 13 ديسمبر 2024م الموافق 12 من جمادي الآخرة 1446 هـ بعنوان ( صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان ) للشيخ ثروت سويف
- اقرأ في هذه الخطبة
- أولاً : مكانة العقل في الإسلام
- ثانياً : وظائف العقل
- ثالثاً : صناعة العقل
- رابعاً : موقف العقل من النقل
- خامساً : حدود العقل
- الخطبة الاولي
- الحمد لله الملك المعبود ذو العطاء والمن والجود هو واهب الحياة وخالق الوجود الذي اتصف بالصمدية وتفرد بالوحدانية والملائكة وأولو العلم على ذلك شهود سبحانه . سبحانه وهب من شاء عقولاً راشدة قادتهم إلى كل خير ومنعتهم من كل شر وجحود ونعوذ بنور وجهه الكريم من فكر محدود، وذهن مكدود، وقلب مسدود
- وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل مناط التكليف في الإنسان عقله فمتى زال العقل سقط عنه التكاليف وكانه غير موجود نسألك يا ربنا الهداية والرعاية والعناية، وأن تجعلنا بفضلك من المقربين الشهود الموفون بالعهود
- وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أكملُ الناس عقلاً وأرجحُهم رأياً وأكثرهُم فكراً اختصه ربه بالوسيلة والفضيلة وبشَّره بالمقام المحمود وجعل ظِلِّ عَرْشِه فِي الْقِيَامَةِ عَلَى رَأْسِه مَمْدُودٌ ، واختصه بالحوض المورود، وجعل عَلَى رَأْسِه اللواء المَعْقُودٌ
- وجعله يوم القيامة شهيدًا على الشهود اللهم إنا نسألك كما أمرتنا أن تُصلي وتسلم وتبارك عليه وعلى آله وصحبة الركَّع السجود بعدد كل ذرة في الوجود
- اما بعد
- فإِنَّ مِن أَكبَرِ النِّعَمِ الَّتِي أَنعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الإِنسَانِ نِعمَةَ العَقلِ، الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ عَن سَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، وَلِأَجلِ هَذِهِ النِّعمَةِ الَّتِي تَمَيّزَ بِهَا الإِنسَانُ كَلّفَهُ اللَّهُ بِحَمْلِ الأَمَانَةِ، فَأَرسَلَ إِلَيهِ الرُّسُلَ، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكُتُبَ، وَأَظهَرَ لَهُ الآيَاتِ، وَشَرَعَ لَهُ الشَّرَائِعَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالتَّفَكّرِ فِيمَا جَاءَهُ مِن رَبِّهِ، لِيَقُودَهُ عَقلُهُ إِلَى الإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ والتقوي قال تعالي ( إِنَّا أَنْزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ ) يوسف 2 . وَقَالَ تَعَالَى ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ ) البقرة
- والْعقل نور خلقه الله تَعَالَى وقسمه بَين عباده على مَشِيئَته فيهم وَعلمه بهم فبالْعقل يقبل الإنسان ويدبرَ وبه ينطق ويصمت ويفكر ويبتكر وما خلق الله خلقا أحب إِلَيه وَلَا أكْرم عَليه مِنْ عقل راجح به يعرف وَبِه يحْمد وَبِه يطَاع وَمَا أكرم الله العقل بِشَيْء أفضل من الصَّبْر فالعَقْل في اللغة يُطلق على المنع والحبس. ووجه تسمية العقل بهذا الاسم: كونه يمنع صاحبه عن التورط في المهالك، ويحبسه عن ذميم القول والفعل
- أولا : مكانة العقل في الإسلام …..
- لَقَد جَاءَ الإِسلَامُ بِتَكرِيمِ العَقلِ وَالدَّعوَةِ إِلَى إِعمَالِهِ، لِيَكُونَ دَلِيلًا لِصَاحِبِهِ إِلَى الإِيمَانِ، وَقَائِدًا لَهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَالبِرِّ وَالإِحسَانِ وما مِنْ دين أعلى منزلة العقل وفتح له الآفاق مثل الإسلام فليس ثمة دين يقوم على احترام العقل الإنساني والاعتزاز به والمحافظة عليه كدين الإسلام والدعوة لأعمال العقل فبالعقل عرف الحلال والحرام، وعرفت شرائع الإسلام ومواقع الأحكام، وجعله الله نورا في قلوب عباده يهديهم إلى هدى، ويصدّهم عن ردى ومن جلالة قدر العقل أنّ الله تعالى لم يخاطب إلا ذوي العقول.
- فالعقل نور فِي الْقلب وَالْبَصَر نور فِي الْعين رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «الْعَقْلُ نُورٌ فِي الْقَلْبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ )) أدب الدنيا والدين
- وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَصْلُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ، وَحَسَبُهُ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ خُلُقُهُ
- بل إنك لتعجب من كثرة ما يرد في كتاب الله من الآيات التي تتحدث عن العقل ودوره وأهميته ، والإنسان مطالب شرعاً أن يفكر تفكيراً صحيحاً يستطيع من خلاله أن يميز بين الأمور ويحكم على الأشياء والأشخاص، ويبتكر ويبدع في جميع المجالات
- قَالَ الله عز وجل { إ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ}( ص29 ) } يَعْنِي أولي الْعُقُول
- قال ابن عباس رضي الله عنه: “ذَوُو الْعُقُول من النَّاس”. وقال الطبري: “يعني: إلا أولوا العقول، الذين عقلوا عن الله عز وجل أمره ونهيه”.
- وقال تعالى: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(البقرة:73)، وقال عز وجل: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(يوسف:2)، وقال سبحانه: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(النور:61). وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
- واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ فَضِيلَةٍ أُسًّا وَلِكُلِّ أَدَبٍ يَنْبُوعًا، وَأُسُّ الْفَضَائِلِ وَيَنْبُوعُ الْآدَابِ هُوَ الْعَقْلُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلدِّينِ أَصْلًا وَلِلدُّنْيَا عِمَادًا، فَأَوْجَبَ الدِّينَ بِكَمَالِهِ وَجَعَلَ الدُّنْيَا مُدَبَّرَةً بِأَحْكَامِهِ روي الامام احمد في مسنده عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ “
- رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُثْنِيَ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ عَقْلُهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مِنْ عِبَادَتِهِ، إنَّ مِنْ خُلُقِهِ، إنَّ مِنْ فَضْلِهِ، إنَّ مِنْ أَدَبِهِ. فَقَالَ: كَيْفَ عَقْلُهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُثْنِي عَلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ، وَأَصْنَافِ الْخَيْرِ وَتَسْأَلُنَا عَنْ عَقْلِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْأَحْمَقَ الْعَابِدَ يُصِيبُ بِجَهْلِهِ أَعْظَمَ مِنْ فُجُورِ الْفَاجِرِ وَإِنَّمَا يَقْرَبُ النَّاسُ مِنْ رَبِّهِمْ بِالزُّلَفِ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ» أخرجه داود بن المحبر في كتاب العقل وهو ضعيف
- يقول عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه
- إنَّ الْمَكَارِمَ أَخْلَاقٌ مُطَهَّرَةٌ … فَالْعَقْلُ أَوَّلُهَا وَالدِّينُ ثَانِيهَا
- وَالْعِلْمُ ثَالِثُهَا وَالْحِلْمُ رَابِعُهَا … وَالْجُودُ خَامِسُهَا وَالْعُرْفُ سَادِيهَا
- وَالْبِرُّ سَابِعُهَا وَالصَّبْرُ ثَامِنُهَا … وَالشُّكْرُ تَاسِعُهَا وَاللِّينُ بَاقيهَا
- وَالنَّفْسُ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُصَدِّقُهَا … وَلَسْت أَرْشُدُ إلَّا حِينَ أَعْصِيهَا
- وَالْعَيْنُ تَعْلَمُ فِي عَيْنَيْ مُحَدِّثِهَا … مَنْ كَانَ مِنْ حِزْبِهَا أَوْ مِنْ أَعَادِيهَا
- ثانياً: وظائف العقل ……………
- وينبغي للعاقل أن لا يشغل نفسه عن أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها هو وإخوانه والذين ينصحون له في دينه ويصدقونه عن عيوبه، وساعة يخلّي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحلّ ويحمد
- لقد أبرز الإسلام مظاهر تكريمه للعقل والاهتمام به والدعوة الي اعمال العقل في مواضع عدة
- أذكر لكم ستة منها
- أولاً: قيام الدعوة إلى الإيمان على الإقناع العقلي. فلم يطلب الإسلام من الإنسان أن يطفئ مصباح عقله ويعتقد
- قال تعالي (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) ص
- فنحن نحتاج إلى اصحاب العقول لنشر الوعي في كل شيء، نحتاج إلى وعي سياسي، وإلى وعي اجتماعي، وإلى وعي اقتصادي والي وعي صحي ووعي بيئي ووعي امني الخ
- وقد تحدث الله عن الوعي العقلي فقال الله تعالي ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12 الحاقة ) إنما تعي القلوب ما تسمع الآذان من الخير والشرّ
- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَافِظَةٌ سَامِعَةٌ وَقَالَ قَتَادَةُ: {أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ فَانْتَفَعَتْ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} سَمِعَتْهَا أُذُنٌ وَوَعَتْ. أَيْ: مَنْ لَهُ سَمْعٌ صَحِيحٌ وَعَقْلٌ رَجِيحٌ. وَهَذَا عام فيمن فهم، ووعى. تفسير بن كثير
- وينبغي أن تعلم أن استعمال العقل من صفات المؤمنين، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ وَقَّافٌ، مُتَثَبِّتٌ عَالِمٌ وَرِعٌ، لَا يَعْجَلُ، وَالْمُنَافِقُ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ حُطَمَةٌ، لَا يَقِفُ عِنْدَ شُبْهَةٍ، وَلَا يَنْزِعُ عَنْ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ كَحَاطِبِ لَيْلٍ لَا يُبَالِي مِنْ أَيْنَ كَسَبَ وَفِي مَا أَنْفَقَ» كتاب الأمثال في الحديث النبوي
- ثانياً: لم يجبر الإسلام العقل على الإيمان، وإنما ترك له الخيار بين الإيمان والكفر قال تعالي (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99)) يونس . لكن بعد ذلك يتحمل المرء تبعات اختياره
- فمن وظائف العقل إرشاد صاحبه إلي الهداية واختيار الصواب فقَد رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا اكْتَسَبَ الْمَرْءُ مِثْلَ عَقْلٍ يَهْدِي صَاحِبَهُ إلَى هُدًى، أَوْ يَرُدُّهُ عَنْ رَدًى» .
- وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ شَيْءٍ عُمِلَ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ عَمَلِ الْمَرْءِ عَقْلُهُ فَبِقَدْرِ عَقْلِهِ تَكُونُ عِبَادَتُهُ لِرَبِّهِ أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الْفُجَّارِ {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} أدب الدنيا والدين
- أَيْ: لَوْ كَانَتْ لَنَا عُقُولٌ نَنْتَفِعُ بِهَا أَوْ نَسْمَعُ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْحَقِّ، لَمَا كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالِاغْتِرَارِ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا فَهْمٌ نَعِي بِهِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَلَا كَانَ لَنَا عَقْلٌ يُرْشِدُنَا إِلَى اتِّبَاعِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ }
- روي عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلْت الْبَادِيَةَ فَإِذَا أَنَا بِعَجُوزٍ بَيْنَ يَدَيْهَا شَاةٌ مَقْتُولَةٌ وَجَرْوُ ذِئْبٍ مُقْعٍ، فَنَظَرْت إلَيْهَا، فَقَالَتْ أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ قُلْت لَا. قَالَتْ جَرْوُ ذِئْبٍ أَخَذْنَاهُ وَأَدْخَلْنَاهُ بَيْتَنَا، فَلَمَّا كَبِرَ قَتَلَ شَاتَنَا، وَقُلْت فِي ذَلِكَ. قُلْت مَا هُوَ؟ فَأَنْشَدَتْ:
- بَقَرْت شُوَيْهَةً وَفَجَعْت قَوْمًا … وَأَنْتَ لِشَاتِنَا ابْنٌ رَبِيبُ
- غُذِيت بِدَرِّهَا وَرُبِّيتَ فِينَا … فَمَنْ أَنْبَاكَ أَنَّ أَبَاك ذِيبُ
- إذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعَ سُوءٍ … فَلَا أَدَبٌ يُفِيدُ وَلَا حَلِيبُ
- فوقع ما كانت تحذر بسبب سوء اختيارها
- ثالثاً: ذم الإسلام لذلك العقل الذي فقط يقلد دون أن يعمل ذهنه، وحذر من التقليد الأعمى قال تعالي ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) البقرة
- قال بعض الحكماء: ما عبد الله بشيء أحبّ إليه من العقل وما عصي الله بشيء أحبّ إليه من السّتر.
- وقال الضحّاك في قول الله عز وجل: (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) قال: من كان عاقلا
- وَللَّه در الْقَائِل:
- لَسْنَا وإنْ أَحْسَابُنَا كَرُمَتْ … أبدا عَلَى الأحساب نَتّكِلُ
- نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أوائلُنا تبني … ونفعل مثل مَا فَعَلُوا
- رابعاً: أمر الإسلام العقل أن يتعلم وحثه على ذلك ،لأن نمو العقل وصناعته بالعلم قال تعالي ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة
- عباد الله : لا يجدر بنا بعد كأمة واعية، أمة تقتفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبع سنته، الا أن نأخذ حذرنا، وأن لا نغتر بظواهر الأمور وان نعي احكام ديننا ودنيانا ويتجلي هذا في حديث حكم معاذ ومدي وعيه في اعمال القياس روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه – باسناده عَنْ مُعَاذٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: ” كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ ” قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ. قَالَ: ” فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ ” قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: ” فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ” قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، لَا آلُو. قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: ” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ ” مسند احمد
- هذا هو ديدن العلماء المصلحون المتقون ولذلك فان خشية العلماء لله جاءت من عقولهم وامعان تفكيرهم ووعيهم لامور الحياة كلها
- يقول العلى القدير فى سورة فاطر: « وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ »ٌ28 فاطر
- عِلْمُ الْعَلِيمِ وَعَقْلُ الْعَاقِلِ اخْتَلَفَا * مَنْ ذَا الَّذِي مِنهُمَا قَدْ أَحْرَزَ الشَّرَفَا
- فَالْعِلْمُ أَنَا أَحْرَزْتُ غَايَتَهُ * وَالْعَقْلُ قَالَ أَنَا الرَّحْمَنُ بي عُرِفَا
- فَأَفْصَحَ الْعِلْمُ إِفْصَاحَاً وَقَالَ لَهُ * بِأَيِّنَا اللهُ في قُرْآنِهِ اتَّصَفَا
- فَبَانَ لِلْعَقْلِ أَنَّ الْعِلْمَ سَيِّدُهُ * فَقَبَّلَ الْعَقْلُ رَأْسَ الْعِلْمِ وَانْصَرَفَا
- فعلينا بسلوك طريق العلم لتنمية وصناعة العقول روى احمد عن ابي الدرداء قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرِثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ، أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ))
- ان نشر العلم والاهتمام بالعقل يحفظ الارواح من الوقوع في فيما يضرها من القتل او العذاب روي الامام الحاكم في المستدرك عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يُخْبِرُ أَنَّ رَجُلًا، أَصَابَهُ جَرْحٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ» فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ، وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجَرْحُ »
- خامساً: من مظاهر تكريم الإسلام للعقل والمحافظة عليه ،أنه نهى عن كل ما يؤثر في سيره أو يغطيه فضلاً عما يزيله ،لذلك حرم شرب الخمر ،بل وحرم كل مسكر ،بل وامتد التحريم إلى الكمية التي لا تسكر منها فقال عليه الصلاة والسلام: فيما اخرج الامام احمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ ) كل هذا حفاظاً على العقل وعلى بقائه
- وان تعي عقولنا وتدرك مآلآت الأمور وان لا نضيق علي الناس ولا نقنطهم من رحمة الله روي مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ ، قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا، أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ )
- سادساً: أسند إلى العقل استنباط الأحكام التي لا يوجد فيها نص من كتاب أو سنة. لكن بالضوابط المعروفة وما حديث معاذ عنا ببعيد
- روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه – باسناده – عن معاذ – رضي الله عنه حين بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً ،قال: ((كيف تقضي يا معاذ؟ قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله؟ قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو ،فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله)) مسند احمد
- فجعل من اجتهاد العقل أساساً للحكم ومادة للقضاء عند فقدان النص لكن هذا الاجتهاد ليس بالهوى ،لكن يكون في إطار الوحي والشريعة وهذا هو ديدن العلماء المصلحون المتقون ولذلك فان خشية العلماء لله جاءت من عقولهم وامعان تفكيرهم
- من وعي اصحاب رسول الله ان اجتهد سعد بن معاذ في بني قريظة وحكم فيهم باجتهاده فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات ))
- روي البخاري عَنْ أَبِي أُمَامَةَ هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» فَجَاءَ، فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، قَالَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ المَلِكِ))
- ثالثاً : صناعة العقول …………..
- ومن الأهمية تأكيد أن تحرير التفكير لا يعنى عدم الالتزام بالقيم والمبادئ والأخلاقيات إذ لا اجتهاد مع نص ولعمرو الله إن بعض السنن لتأتي أحيانًا على خلاف الرأي ومجانبته خلافًا بعيدًا، فما يجد المسلمون بدًا من اتباعها والانقياد لها، ولذلك قال عَلِيٍّ رضي الله عنه : «لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْي لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» السنن الصغرى للبيهقي
- عن معاوية بن قرّة يرفعه، قال: «إن الناس يعملون الخير وإنما يعطون أجورهم يوم القيامة على قدر عقولهم» عن مطرّف قال: عقول الناس على قدر زمانهم
- ولكي نصنع عقولا نيرة لابد من اثراءها بالعلم والمعرفة والتجارب وتزكيتها بالتفكير الإجابي وعدم الإشتغال بسفاسف الأمور فالواجب على العاقل: أن يكون بِمَا أحْيَا عقله من العلم والحكمة أشد تعلقًا وانشغالاً منه بما أحيا جسده من القوت؛ لأنَّ قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل العلم والحكمة، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فَقَدت قُوتَها من العلم والحِكْمة ماتت فالعقل غريزة يُولد العَبْد بهَا ثمَّ يزِيد فِيهِ معنى بعد معنى بالمعرفة بالأسباب الدَّالَّة على الْمَعْقُول
- وَقد زعم قوم أَن الْعقل معرفَة نظمها الله ووضعها فِي عباده يزِيد ويتسع بِالْعلمِ المكتسب الدَّال على الْمَنَافِع والمضار
- قال الله تعالي {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46 ]
- والمقصود بالصناعة تتويجه بالعلم وَالْمَعْرِفَةِ، وَصِحَّةُ السِّيَاسَةِ، وَإِصَابَةُ الْفِكْرَةِ وَلَيْسَ لِهَذَا حَدٌّ؛ لِأَنَّهُ يَنْمُو إنْ اُسْتُعْمِلَ وَيَنْقُصُ إنْ أُهْمِلَ وَنَمَاؤُهُ يَكُونُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ:
- الوجه الأول : بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وطول الزمان كما في كبار السن مِنْ الْحُنْكَةِ وَصِحَّةِ الرَّوِيَّةِ وَمُمَارَسَةِ الْأُمُورِ وَلِذَلِكَ حَمِدَتْ الْعَرَبُ آرَاءَ الشُّيُوخِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَشَايِخُ أَشْجَارُ الْوَقَارِ، وَمَنَاجِعُ الْأَخْبَارِ، لَا يَطِيشُ لَهُمْ سَهْمٌ، وَلَا يَسْقُطُ لَهُمْ وَهْمٌ، إنْ رَأَوْك فِي قَبِيحٍ صَدُّوك، وَإِنْ أَبْصَرُوك عَلَى جَمِيلٍ أَمَدُّوك.
- وان كبار السن وإن فَقَدُوا ذَكَاءَ الطَّبْعِ فَقَدْ مَرَّتْ عَلَى عُيُونِهِمْ وُجُوهُ الْعِبْرِ، وَتَصَدَّتْ لِأَسْمَاعِهِمْ آثَارُ الْغَيْر ولأنه مَنْ طَالَ عُمُرُهُ نَقَصَتْ قُوَّةُ بَدَنِهِ وَزَادَتْ قُوَّةُ عَقْلِهِ ولَا تَدَعُ الْأَيَّامُ جَاهِلًا إلَّا أَدَّبَتْهُ وكَفَى بِالتَّجَارِبِ تَأَدُّبًا وَبِتَقَلُّبِ الْأَيَّامِ عِظَةً.
- قال أُحد الشُّعَرَاءِ
- أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعَقْلَ زَيْنٌ لِأَهْلِهِ … وَلَكِنْ تَمَامُ الْعَقْلِ طُولُ التَّجَارِبِ
- وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي : فَقَدْ يَكُونُ بِفَرْطِ الذَّكَاءِ وَحُسْنِ الْفِطْنَةِ والتعلم وبِكَثْرَةِ التَّجَارِبِ ومداراة الناس
- وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: التَّجْرِبَةُ مِرْآةُ الْعَقْلِ، وَالْغِرَّةُ ثَمَرَةُ الْجَهْلِ
- وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ رحمه الله قَالَ:
- قُلْت لِغُلَامٍ حَدَثٍ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ كَانَ يُحَادِثُنِي فَأَمْتَعَنِي بِفَصَاحَةٍ وَمَلَاحَةٍ: أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونَ لَك مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنْتَ أَحْمَقُ؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ قَالَ: فَقُلْت: وَلِمَ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيَّ حُمْقِي جِنَايَةً تَذْهَبُ بِمَالِي وَيَبْقَى عَلَيَّ حُمْقِي
- وحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَرَّ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَهَرَبُوا مِنْهُ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا لَك؟ لِمَ لَا تَهْرَبُ مَعَ أَصْحَابِك؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَكُنْ عَلَى رِيبَةٍ فَأَخَافُك، وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا فَأُوَسِّعُ لَك.
- وان زِيَادَةُ الْعَقْلِ فَضِيلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَسَبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ النَّاسِ أَعْقَلُ النَّاسِ» مسند الحارث
- وَقَدْ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] أَيْ بِحَسَبِ عَقْلِهِ
- وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا عُوَيْمِرُ ازْدَدْ عَقْلًا تَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا. قُلْت: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَمَنْ لِي بِالْعَقْلِ؟ قَالَ: اجْتَنِبْ مَحَارِمَ اللَّهِ، وَأَدِّ فَرَائِضَ اللَّهِ تَكُنْ عَاقِلًا ثُمَّ تَنَفَّلَ بِصَالِحَاتِ الْأَعْمَالِ تَزْدَدْ فِي الدُّنْيَا عَقْلًا وَتَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا وَبِهِ عِزًّا )) نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للحكيم الترمذي
- من صناعة العقل التفقه في الدين روي مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: ” أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ))
- روي البخاري عن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ المُعْطِي وَأَنَا القَاسِمُ، وَلاَ تَزَالُ هَذِهِ الأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ ظَاهِرُونَ ))
- قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا اسْتَوْدَعَ اللَّهُ أَحَدًا عَقْلًا إلَّا اسْتَنْقَذَهُ بِهِ يَوْمًا مَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعَقْلُ أَفْضَلُ مَرْجُوٍّ، وَالْجَهْلُ أَنْكَى عَدُوٍّ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ.
- وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: خَيْرُ الْمَوَاهِبِ الْعَقْلُ، وَشَرُّ الْمَصَائِبِ الْجَهْلُ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ، وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَّانَ:
- يَزِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ صِحَّةُ عَقْلِهِ … وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ مَكَاسِبُهْ
- يَشِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ قِلَّةُ عَقْلِهِ … وَإِنْ كَرُمَتْ أَعْرَاقُهُ وَمَنَاسِبُهْ
- إذَا أَكْمَلَ الرَّحْمَنُ لِلْمَرْءِ عَقْلَهُ … فَقَدْ كَمُلَتْ أَخْلَاقُهُ وَمَآرِبُهْ
- رابعاً : موقف العقل من النقل ……….
- إن اهل الفطرة السليمة يبدءون بالشرع ثم يخضعون العقل له، عملاً بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات:1] فلا يقدمون العقل، وإنما يقدمون النقل، فيقفون أمام قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، خجلين راهبين خاشعين ولو قطعت أعناقهم، فهم أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، يقفون أمام الكتاب والسنة، ولا ينظرون لقول أحد من الناس كائناً من كان، ومحمد صلى الله عليه وسلم يحتج بقوله ولا يحتج لقوله، وغيره عليه الصلاة والسلام يحتج لقوله ولا يحتج بقوله.
- العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، فالأول خلْق الله تعالى والثاني أمره، ولا يتخالفان، لأن مصدرهما واحد وهو الله عز وجل، قال الله تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}(الأعراف:54). قال السعدي: “أي: له الخَلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها وسفليها، أعيانها وأوصافها وأفعالها والأمر المتضمن للشرائع والنبوات”.
- كان عمر وهو من سادات أهل السنة والجماعة يقف أمام الآية
- قال ابن عباس رضي الله عنهما: [[كان عمر رضي الله عنه وأرضاه وقافاً عند كتاب الله، إذا تليت عليه الآية لا يتجاوزها، كان جُلَّاسه أهل القرآن كباراً أو صغاراً]] فهؤلاء جلساء عمر
- طرق الباب عيينة بن حصن -وهو أعرابي لا يفهم الدين- قال عمر: من؟ قال: ائذن لي وافتح الباب! أنا الكريم ابن الكريم ابن الكريم، قال عمر: كذبت، أنت الخسيس ابن الخسيس ابن الخسيس، الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وفتح له الباب، وقال: هيه يا عمر! لا تحكم فينا بالعدل، ولا تعطينا الجزل، فأخذ عمر الدرة؛ ليخرج الشياطين من رأسه، فقال الحر بن قيس وهو غلام قريب لـ عيينة من أبنائه: يا أمير المؤمنين! لا تعجل، فالله يقول: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:199] وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله
- كان عمر يُخضع رقبته للحق، خرج يصلي بالناس الجمعة في ثوب واحد -لا يملك من الدنيا إلا ثوباً- ومعه عصا يريد أن يرتقي المنبر؛ ليعلم الأمة الخالدة المفاهيم الخالدة والمبادئ الأصيلة، وفي الطريق سال ميزاب بدم دجاج على ثيابه قبل الخطبة بدقائق، فغضب -وكان رجلاً طوالاً لا يقوم له خصم- فاقتلع الميزاب وأنزله في الأرض، وعاد إلى البيت وغيَّر ثيابه، وصعد المنبر، وخطب الناس، فلما خرج الناس وإذا الميزاب المقلوع ميزاب العباس عم الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال العباس: [[من قلع الميزاب؟ قال عمر: أنا.
- قال: ولم؟ قال: تذبح الدجاج وتسيل دمه على الناس، وهذا تأكيد من عمر لأنه الحاكم، قال العباس: والله الذي لا إله إلا هو! ما ركب ذاك الميزاب في هذا المكان بيده إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فدمعت عينا عمر، وقال: أسألك بالله أهو رسول الله الذي بناه بيده؟ قال: إي والذي نفسي بيده! قال: والذي نفسي بيده! لأبركن لك في الأرض، ولتصعدن من على كتفي بأقدامك، ولتعيدن الميزاب مكانه]].
لله درك! ولله ما أقواك! وما أحسنك! هذا هو الوقوف عند قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام، الاحترام المطلق، لا كوقوف العبيد عند السادة، أوامر البشر يوقف لها وتؤخذ بعين الاعتبار والتسليم والاحترام، أما قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام فأصبحت عند كثيرٍ من الناس من المهانة بدرجة حتى إنه لا يعبأ بها والقاعدة الأصولية التي أجمعت عليها الأمة، تقول: (لا اجتهاد مع النص ) قال عليه الصلاة والسلام للناس وهو على المنبر: {يا أيها الناس! اجلسوا} وكان ابن رواحة -الذي باع روحه من الله- على الرصيف خارج المسجد، فسمع كلمة: اجلسوا! فجلس في الشمس على الرصيف، قال الناس: مالك يـ ابن رواحة؟ قال: إني سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: اجلسوا! فجلست -انتهى الأمر- فهم يدينون -أولاً- بالنقل، ويحترمون قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ويخشون من هذه الكلمات العجيبة
ان أرجح عقل عرفته الأرض هو عقل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فلقد أخبرنا القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يدري شيئاً عن الكتاب ولا عن الإيمان إلا بعد أن أوحى إليه الرحيم الرحمن، قال جل وعلا: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:52]
وسأل سائل الإمام أحمد وهو في مرض موته عن حديثٍ فقال: أجلسوني! فلا ينبغي أن أُسأل عن حديث وأنا مضطجع
وكان الإمام مالك يمشي في الطريق، فسألوه عن حديث، فقال: لا أجيب حتى نجلس فجلس؛ احتراماً للحديث
بعض الناس قد يؤتيه الله عقلاً ،ويكون عقليته نادرة. فيصاب بالغرور من هذا الباب، فيخرج من الدين والعياذ بالله وهو لا يشعر، لأنه لا يُسلم عقله للشرع والدين والعلم. ومن أجمل ما قيل في ذلك هو هذه المحاورة بين العقل والعلم – الذي هو الشرع والوحي ورحمة الله على الإمام ابن القيم حيث قال إن قلت قال الله قال رسوله همزوك همز المنكر المتغالي أو قلت قد قال الصحابة والألى تبع لهم في القول والأعمال أو قلت قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والإمام العالي صدوا عن وحي الإله ودينه واحتالوا على حرام الله بالإحلال يا أمة لعبت بدين نبيها كتلاعب الصبيان في الأوحال حاشا رسول الله يحكم بالهوى والجهل تلك حكومة الضلال.
لقد أمر الإسلام المسلم بالاستسلام والامتثال للأمر الشرعي الصحيح حتى ولو لم يعْقِل أو يدرك الحكمة منه وقد كانت أول معصية عصي الله بها استعمال القياس وهي حجة إبليس في قوله: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} هي باطلة لأنه عارض النص بالقياس. ولهذا قال بعض السلف: أول من قاس إبليس وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس.
عباد الله : البر لا يبلي والذنب لا ينسي والديان لا يموت اعمل ما شئت كما تدين تدان وبالكيل الذي تكيل به يكتال لك والتائب من الذنب كمن لا ذنب له فتوبوا إلي الله
الخطبة الثانية
- الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِهِ، وَضَرَبَ الأَمثَالَ لِنَتَدَبَّرَ فِي بَيّنَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَنزَلَ القُرآنَ لِنَتَأَمَّلَ فِي عِظَاتِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرسَلَهُ رَبُّهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ وَأَيّدَهُ بِمُعجِزَاتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى أَصحَابِهِ المُقتَفِينَ لِخُطُوَاتِهِ، أَمّا بَعدُ لَقَد خَلَقَ اللَّهُ الإِنسَانَ أَوّلَ مَا خَلَقَهُ لَا يَعلَمُ شَيئًا، ثُمَّ أَعطَاهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالعَقلَ لِيَستَدِلَّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ، فَيُؤمِنَ بِهِ، وَيَعبُدَهُ، وَيَشكُرَهُ عَلَى نِعمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى( وَاللَّهُ أَخرَجَكُمْ مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ.
- ثالثا : حدود العقل
- ومع تقدير الإسلام للعقل إلا أن الشرع قد حدد للعقل مجالاته التي يخوض فيها حتى لا يضل. وفي هذا تكريم له أيضاً لأن العقل مهما بلغ فهو محدود الطاقات والملكات ،لا يستطيع أن يدرك كل الحقائق مهما أوتي من قدرة. وسيظل بعيداً عن متناول كثير من الأشياء. وإذا حاول الخوض فيها التبست عليه الأمور ،وتخبط في الظلمات ،وركب متن العديد من الأخطار.
- لذا منع الإسلام العقل من الخوض في أمور ثلاثة التفكير في ذات الله ،والتفكير في القدر ،والتشريع من دون الله فهذه الأمور الثلاثة ضلال العقل فيها متحتم لو دخلها ولهذا جاء النهي عن الخوض فيها عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ، وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ» المعجم الاوسط
- والعقلُ ليس بمُدركٍ شيئا إذا
- ما اللهُ لم يكتُبْ له الإدراكَا
- وعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا» المعجم الكبير للطبراني وما ضلال وفساد ما يسمى بالمدرسة العقلية إلا بتغليب جانب العقل والتضخيم من حجمه ،وتقديم العقل على النقل ،فحصل منهم التخبطات التي ليس هذا مجال التفصيل فيها. لذا فأمر الإسلام العقل بالاستسلام والامتثال للنقل والشرع والوحي ،حتى ولو لم يدرك الحكمة والسبب
- هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا – رحمكم الله – على خير الورَى، كما أمركم بذلك – جل وعلا -، فقال – عزَّ من قائلٍ كريمًا -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
- وقد قال – عليه الصلاة والسلام – فيما أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
- فصلواتُ الله مع تسليمه ما جرى له في البحر فُلكٌ سَبْحُ أبدًا تُهدَى إلى الخير الورَى من له في كُتْب الرحمن مَدحُ أحمدُ والآلُ والصحبُ ومَنْ لهم يقفُو على الإثر وينحُو اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر الضعفاء في فلسطين واجعل هذا البلد آمنًا مستقرًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
- رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23].
- عباد الله إن الله يأمر بثلاث وينهى عن ثلاث يأمر بالعدل والإحسان وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا يذكركم واستغفروه يغفر لكم واقم الصلاه ان الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا.
- جمع وترتيب \ ثروت علي سويف \ امام وخطيب بالأوقاف المصرية
No comment