إن الحمد لله، جل من رب وتعالى من إله، هو سبحانه رب كل شيء ومليكه ومولاه، وهو العلي الأعلى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم السر والنجوى، والمؤمَّل لكشف كل بلوى، ورفع كل لأوى، سبحانه وبحمده ليس في الكون رب سواه فيدعى، وليس في الوجود إله غيره فيرجى، وليس في الملأ حكم غيره فترفع إليه الشكوى
يقول الامام الشافعى رحمه الله
إذا رُمتَ أنْ تَحيا سَليماً مِن الأذى *** وَ دينُكَ مَوفورٌ وعِرْضُكَ صَيِنُّ
لِسانُكَ لا تَذكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئٍ *** فَكُلُّكَ عَوراتٌ وللنّاسِ ألسُنُ
وعَيناكَ إنْ أبدَتْ إليكَ مَعايِباً *** فَدَعها وَقُلْ يا عَينُ للنّاسِ أعيُـنُ
وعاشِرْ بِمَعروفٍ وسامِحْ مَن اعتَدى *** ودَافع ولكن بالتي هِيَ أحسَنُ
وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، والحبيب المرتضى، بلغ رسالة ربه فما ضل وما غوى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 – 4].
أما بعد:
فلقد حث الله عز وجل على التثبت والتبيّن في نقل الأخبار، يقول سبحانه: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، قرأ حمزة والكسائي: فتثبَّتوا.
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ.
رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْط إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ، وَإِنَّهُمْ لَمَّا أَتَاهُمُ الْخَبَرُ فَرِحُوا وَخَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ لَمَّا حُدِّثَ الْوَلِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ، رَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ إِذْ أَتَاهُ الْوَفْدُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَكَ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ، وَإِنَّا خَشِينَا أَنَّ مَا رَدَّهُ كِتَابٌ جَاءَ مِنْكَ لِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِنَّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ. وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغَشَّهُمْ وَهَمَّ بِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (8) عُذْرَهُمْ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} إلى آخر الآية (9) .
وأخبر سبحانه أن الإنسان مسؤول أمام الله عز وجل ومحاسب عن كل صغير وجليل: مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36] لا تَقْفُ: أي: لا تتبع ما لا تتأكد منه، وقيل أي: لا تنشر وقيل: أو لا تسأل عن شيء لا أصل له قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] وهذا منهج واضح، والله عز وجل يقول في سورة النور في شأن الصحابة الذين أخطئوا، وليسوا بمعصومين يوم تلقوا خبر الإفك قال سبحانه: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15]
والشائعات مبنية على سوء الظن بالمسلمين، والله عز وجل يقول: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ الظَّنّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ [الحجرات:12]،
فإن عِظم شأن الشائعة أورد فيها عقوبة عظيمة لمتولّي كِبَرِها، عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله : ((إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق…)) ثم ذكر الحديث، وكان مما قال : ((فأتينا على رجل مُسْتَلْقٍ على قفاه، وإذا آخر قائم بكَلُّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقّي وجهه فيُشَرْشِرُ شِدْقه إلى قفاه، ومِنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصحَّ ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى))، ثم جاء خبره في آخر الحديث، حيث قال له الرجلان: ((إنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق)) رواه البخاري.
موقفنا من الشائعات على ثلاثة أضرب:
الأول: أن يكون مصدرنا دائماً التثبت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36].
الثاني: ألا نحدث بكل ما سمعنا، يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: {كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع} إذا رأيت الرجل يحدث بكل شائعة وبكل خبر، فهو كذوب، ومفتن ودجال، سواء تأكد أو لم يتأكد فهو كذوب، وسوف يكذب مهما كان.
الأمر الثالث: أن نردها إلى أولي العلم: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83] فنرد هذه الأخبار إلى العلماء، ونطلب آراءهم وفتواهم، ونطلب مواقفهم؛ لأنهم أكثر تجربة، وأنور قلوباً، وأخلص معتقداً، وأكثر علماً: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] هذا موقفنا من المرجفين والإرجاف، وأكثر ما يدار في الساحة إرجاف، وبعض الناس يموت بالإرجافات، وأشياء من الخوف.
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ “احمدخطورة الشائعات )
وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا”
كما نهى الإسلام أتباعه أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرَهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق، ويصدّقوا قول كل دعيٍّ مارق، أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ “. وفي رواية أخرجها أبو داود في الأدب: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)
وسدًّا للباب أمام الوشاة المغرضين، ونقلة الشائعات المتربّصين، ومنعاً لرواج الشائعة والبلاغات المجهولة الكيدية المغرضة، والأخبار الملفقة المكذوبة على البرآء الغافلين، يقول فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ ، فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «الْمَاشُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ»)
روي الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: ” إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ: أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ “
اذا كنت وحدك فاحفظ عقلك واذا كنت على الطعام فاحفظ بطنك واذا كنت على الطريق فاحفظ بصرك واذا كنت بين الناس فاحفظ لسانك فهذه ثورثك
عباد الله دخل رجل على عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبًا، فأنت من أهل هذه الآية: إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6] وإن كنت صادقًا، فأنت من أهل هذه الآية: هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ [القلم: 11]، وإن شئت عفونا عنك. فقال: العفو، يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدًا)احياء علوم الدين
وعن الفضل بن أبي عيَّاش، قال: (كنت جالسًا مع وهب بن منبِّه، فأتاه رجل، فقال: إنِّي مررت بفلان وهو يشتُمك. فغضب، فقال: ما وجد الشَّيطان رسولًا غيرك؟ فما بَرِحْت من عنده حتَّى جاءه ذلك الرَّجل الشَّاتم، فسلَّم على وهب، فردَّ عليه، ومدَّ يده، وصافحه، وأجلسه إلى جنبه) صفة الصفوة
واخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: ” قَتَّاتٌ ” وَهُوَ النَّمَّامُ. وَقِيلَ: النَّمَّامُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ جَمْعٍ يَتَحَدَّثُونَ حَدِيثًا فَيَنِمُّ عَلَيْهِمْ. وَالْقَتَّاتُ: الَّذِي يَسْتَمِعُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ثُمَّ يَنِمُّ.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَرْفَعْهُ قَالَ: «مَنْ أَشَاعَ عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ كَلِمَةَ بَاطِلٍ لِيُشِينَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُذِيبَهُ بِهَا مِنَ النَّارِ حَتَّى يَأْتِيَ بِنَفَاذِهَا»الجامع في الحديث لابن وهب
وَرَوَى كَعْبٌ: أَنَّهُ أَصَابَ بَنِي إسْرَائِيلَ قَحْطٌ، فَاسْتَسْقَى مُوسَى – صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ – مَرَّاتٍ فَمَا أُجِيبَ، فَأَوْحَى اللَّهُ – تَعَالَى – إلَيْهِ أَنِّي لَا أَسْتَجِيبُ لَك وَلَا لِمَنْ مَعَك وَفِيكُمْ نَمَّامٌ قَدْ أَصَرَّ عَلَى النَّمِيمَةِ. فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ مَنْ هُوَ حَتَّى نُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِنَا؟ فَقَالَ يَا مُوسَى: أَنْهَاكُمْ عَنْ النَّمِيمَةِ وَأَكُونُ نَمَّامًا فَتَابُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَسُقُوا.
وعَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ “، فَقَالُوا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ، قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: ” مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنْدَبٌ، قَالَ: نَعَمْ جُنْدَبٌ “البخاري
(سمع) عمل للسمعة والفخر وقيل أشاع عيوب المؤمنين. (سمع الله به) يظهر الله للناس سريرته. ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه من خبث السرائر جزاء لفعله. (شاق) ضلل الناس وحملهم على ما يشق عليهم أو أثار الخلاف بينهم أو كشف مساوئهم ومعايبهم. (أهراقه) أساله بغير حق]
ففي الأدب المفرد للبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ، فَرَجَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الرَّابِعَةِ، فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ: إِنَّ هَذَا الْخَائِنَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّهُ، حَتَّى قُتِلَ كَمَا يُقْتَلُ الْكَلْبُ، فَسَكَتَ عَنْهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلَةٌ رِجْلُهُ، فَقَالَ: «كُلَا مِنْ هَذَا» ، قَالَا: مِنْ جِيفَةِ حِمَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «فَالَّذِي نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَكْثَرُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ فِي نَهْرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَتَغَمَّسُ »
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ قَالَ: تَبِعَ رَجُلٌ حَكِيمًا سَبْعَ مئة فَرْسَخٍ فِي كَلِمَاتٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ. قَالَ لَهُ: هَاتِ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّمَاءِ مَا أَثْقَلُ مِنْهَا، وَعَنِ الأَرْضِ مَا أَوْسَعُ مِنْهَا، وَعَنِ الْبَحْرِ مَا أَغْنَى مِنْهُ، وَعَنِ الْحَجَرِ مَا أَقْسَى مِنْهُ، وَعَنِ النَّارِ مَا أَحَرُّ مِنْهَا، وَعَنِ الزَّمْهَرِيرِ مَا أَبْرَدُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: الْبُهْتَانُ عَلَى الْبَرِيءِ أَثْقَلُ مِنَ السماوات السَّبْعِ، وَالْحَقُّ أَوْسَعُ مِنَ الأَرْضِ، وَقَلْبُ الْقَانِعِ أَغْنَى مِنَ الْبَحْرِ، وَقَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ، وَشُحُّ الْحَرِيصِ أَحَرُّ مِنَ النَّارِ، وَالطَّاعَةُ أَبْرَدُ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ . المجالسة وجواهر العلم (أحمد بن مروان الدينوري)
ولكن هناك سته تهون المصيبه يا بني
ان تتذكر ان كل شىء بقضاء وقدر.. وان الجزع لا يرد عنك القضاء.. وان ما انت فيه اخف مما هو اكبر منه وان ما بقي لك اكثر مما اخذ منك.. وان لكل شىء قدرا وحكمه لو علمتها لرأيت المصيبه عين النعمه وان كل مصيبه للمؤمن لا تخلو من ثواب ومغفره وتمحيص ورفعه شأن او دفع بلاء اشد وما عند الله خير وابقى
روي ان رجلا رأى غلاما يباع وليس به عيب … (الا انه نمام فقط)… فاستخف بالعيب واشتراه فمكث عنده أياما ثم قال لزوجة سيده : إن سيدي يريد أن يتزوج عليك وقال : انه لا يحبك فان أردت أن يعطف عليك ويترك ما عزم عليه فان نام خذي الموس واحلقي شعرات من تحت لحيته واتركي الشعرات معك .
فقالت في نفسها : نعم. وعزمت على ذلك اذا نام زوجها.
ثم جاء زوجها وقال له : ان سيدتي زوجتك قد اتخذت لها صديقا ومحبا غيرك وتريد ان تخلص منك وقد عزمت على ذبحك الليلة وان لم تصدقني فتظاهر بالنوم الليلة وانظر كيف تجيء اليك وفي يدها شيء تريد أن تذبحك به وصدقه سيده
وقال: لنرى.
فلما جاء الليل جاءت المراة بالموس لتحلق الشعرات من تحت لحيته والرجل يتظاهر بالنوم فقال في نفسه: والله لقد صدق الغلام فلما وضعت الموس وأهوت الى حلقه قام وأخذ الموس منها وذبحها به فجاء أهلها فوجدوها مقتولة فقتلوه , فوقع القتال بين الفريقين شؤم ذلك العبد النمام.
فكم بهذه الألسنة عُبد غير الله تعالى وأشرك
وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكمه سبحانه وتعالى
كم بهذه الألسنة أُحدثت بدع.. وأُدميت أفئدة.. وقُرحت أكباد
كم بهذه الألسنة أرحام تقطعت.. وأوصال تحطمت.. وقلوب تفرقت
كم بهذه الألسنة نزفت دماء.. وقُتل أبرياء.. وعُذب مظلومون
كم بها طُلّقت أمهات.. وقذفت محصنات
كم بها من أموال أُكلت.. وأعراض أُنتهكت.. ونفوس زهقت
هذا وصلوا وسلموا علي سيد البشرية محمد وعلي اله وصحبه اجمعين
جمع وترتيب ثروت سويف امام وخطيب
No comment