موضوع خطبة الجمعة القادمة، حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان “لا يسخر قوم من قوم” .
موضوع خطبة الجمعة القادمة للدكتور أحمد صابر عبد الحميد
خطبة الجمعة القادمة 18/10/2024م
وموضوعها ( لا يسخر قوم من قوم )
عناصر الخطبة:
العنصر الأول: النهي عن الاستهزاء بالآخرين.
العنصر الثاني: أثر الاستهزاء والسخرية علي الفرد والمجتمع.
العنصر الثالث: كيف نعالج هذا المرض.
العنصر الأول: النهي عن الاستهزاء بالآخرين:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الكريم وعلى آله وأصحابه أجمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد…………………………………..
فقد جاء الإسلام يدعو إلى مكارم الأخلاق وطيب الصفات ؛ وينهي عن كل خلق مذموم أو سلوك قبيح.
ومن الأخلاق الذميمة والقبيحة السخرية من الآخرين ، وهو مرض من الأمراض التي أبتلينا بها في عصرنا هذا فكثير من الناس يسخرون من الآخرين حتي ينقصوا من شأنهم ويقللوا منهم ، كبراً ومرضاً والنبي صلي الله عليه وسلم نهي عن مثل هذا حيث قال { بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم } أخرجه مسلم في صحيحه ، يعني يكفيه من الشر احتقار أخيه المسلم ، فإنه إنما يحقر أخاه المسلم لتكبره عليه ، والكبر من أعظم خصال الشر.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، فقال إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ( أي دفعه ورده ) وغمط الناس } أخرجه مسلم في صحيحه.
– وقال الحافظ ابن رجب في شرح النووية: المتكبر ينظر إلى نفسه بعين الكمال وإلى غيره بعين النقص فيحتقرهم ويزدريهم ولا يراهم أهلا لأن يقوم بحقوقهم ولا أن يقبل من أحد منهم الحق إذا أورده عليه .
وقد وحذر الإسلام من السخرية والاستهزاء والتنمر وذكر الناس بما يكرهون ونهى عن إيذاء الآخرين بأي شكل من الأشكال فقال تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وأثما مبينا.) الأحزاب: الأية 58.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقره ، التقوى ههنا ، التقوى ههنا ، التقوى ههنا ، ويشير إلى صدره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم . كل المسلم على المسلم حرام : دمه وعرضه وماله } صحيح مسلم.
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ). [الحجرات: 11]
– وهذه الآية تنهى عن الاستهزاء بالآخرين أو إهانتهم، كما تنهى الآية عن لمز الناس؛ بأن نقول لهم ما يُهينهم، أو يُحقّرهم ويصغّرهم، وتنهى أيضاً عن التنابز بالألقاب؛ فلا يجوز مناداة الأشخاص بأسماء، أو صفات سيئة يكرهون سماعها.
– وسبب نزول هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم ) [الحجرات: 11]
– قال ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وذلك أنه كان في أذنه وقر ، فكان إذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبقوه بالمجلس أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه ، فيسمع ما يقول.
وقال الضحاك: نزلت في وفد بني تميم الذين ذكرناهم ، كانوا يستهزءون بفقراء أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – مثل عمار وخباب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة ، لما رأوا من رثاثة حالهم.
العنصر الثاني: أثر الاستهزاء والسخرية علي الفرد والمجتمع.-
– الاستهزاء والسخرية بالآخرين له عواقب وخيمة إن لم تكن في الدنيا ففي الآخرة ومنها:
الوعيد والويل لمن يستهزأ بالآخرين ويتنمر بهم ، حيث إن الله سبحانه وتعالى قال
( ويل لكل همزة لمزة ) سورة الهمزة الأية 1.
فقال الفخر الرازي رحمه الله-: إنّ أهل العلم تحدّثوا بشأن الوعيد بالويل في سورة الهمزة، هل هو خاص بأناس معينين أم يشمل من كان هذا فعله؟، فقال المحقّقون إنّه يكون لكل من كان هذا فعله كائنًا من كان، وأنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
و قال ابن عاشور رحمه الله: في سبب نزول سورة الهمزة روي أنّها نزلت في مجموعة من المشركين كانوا يقومون بلمز المسلمين وسبّهم واختلاق الأخبار السيئة عنهم، وذكر منهم الاخنس ابن شريك وأمية بن خلف وغيرهم.
– وجاءت محاربة الإسلام للسخرية من منطلق أنه دين يدعو إلى الأخلاق والآداب الحسنة، وإلى البعد عن الأخلاق السيئة ومنها التنمّر؛ لأن فيه سخرية وتهكّم على الناس.
– ومنها عدم دخول الجنّة: فالذي يتنمر بالآخرين ويسخر منهم يحرم من دخول الجنة كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم-: ( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جاره بوائقه.) صحيح مسلم، ففي هذا الحديث حذّر النبيّ من إلحاق الضرر بالآخرين؛ حتى أنّه حذّر من يتعرّض لجاره بالأذى بعدم دخوله الجنّة.
– العنصر الثالث: كيف نعالج هذا المرض؟ :
مرض السخرية والاستهزاء بالآخرين من أمراض العصر وطريقة العلاج علمنا الإسلام إياها، فمنها:
التوعية للأبناء بعواقب السخرية والاستهزاء بالآخرين:-
فيجب على الأهل القيام بدورهم بتربية أبنائهم على الأخلاق الإسلامية الحسنة الطيبة، والبعد عن الأخلاق السيئة، والحذر من التقصير في ذلك، قال تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).سورة التحريم الأية 6.
– والنبي صلّى الله عليه وسلّم-: ( كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فمسؤولية الأهل توعية أبنائهم عن السخرية وأثرها السلبي على كلا الطرفين المتنمِر والمتنمَر عليه.
وقد حارب الإسلام السخرية بالآخرين لذلك، يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم-: ( المسلِمُ من سلمَ المسلِمونَ من لِسانِهِ ويدِهِ ) أخرجه البخاري ومسلم.
– تنشئة الأبناء على حسن الخلق: فقد نهانا الإسلام عن الأخلاق التي تؤدي إلى السخرية بالآخرين والاستهزاء بهم والنقص من شأنهم ، عن أَبي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا) أخرجه البخاري في صحيحه.
– الحث على سلامة اللسان واليد:
فاللسان قد يكون سبباً في نجاة الإنسان إذا استخدمه في طاعة الله سبحانه وتعالى ، وإذا لم يستخدمه في طاعة الله سيكون سبباً في هلاكه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:( إذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهِ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا).أخرجه الترمذي في سننه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» أخرجه البخاري ومسلم .
ولقد احسن الإمام الشافعي حينما قال:
لسانك لا تذكر به عورة امرئ * فكلك عورات وللناس ألسن.
– فالمسلم لا يتعرض للناس بالأذى ولا يسبّهم، ولا يشتمهم ويبتعد عن كل ما يسبب لأخيه المسلم الأذى كأن يتعرّض له بكلام سيئ أو يضربه أو يشتمه.
– كتبه/ الدكتور أحمد صابر عبد الحميد، موجه عام بالوعظ والإرشاد بالأزهر الشريف.
لتحميل خطبة الجمعة بصيغة بي دي اف اضغ هنا 👇👇
No comment