موضوع خطبة الجمعة القادمة للشيخ محمود البرام، الحمدلله وحده والصلاة والسلام علي من لانبي بعده وعلي اله وصحبه وسلم اجمعين
وبعد
أيها الأخوة المسلمون أحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم
لقد اعتني الإسلام عناية شديدة ببناء الشخصية المسلمة وأن يكون المسلم قويا في كل شؤن حياته ولقد كان رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم حريصًا أشد الحرص على بناء الشخصية المسلمة؛ وذلك لأن الفرد المؤمن هو اللبِنة الأولى في تكوين المجتمع المسلم، الأمر الذي في نهايته يكون الوطن قويا وأعطى الرسول الكريم بناء الفرد لبناء و المجتمع، ولبناء الأمة درجة كبيرة من الاهتمام بل أهمهاوهي حقيقة واقعة لاوطن بدون قوة تحميه وتدافع عنه وتثبت اركانه.
موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام
يقول الله –تعالى- في سياق هذه الحقيقة: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)
وهي سنة من سنن الكون، فالقوة بمعناها الشامل الذي يؤدي إلى جلب المصالح الشرعية، ودفع المفاسد؛ مطلب إسلامي أصيل.
بل إن القوة صفة يحبها الله -تعالى- في الأمة أفراداً وجماعات؛ ففي صحيح مسلم وفي السنن بإسناد صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل الخير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان”.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قوة الإيمان بالله تعالى وتقواه، هي من أهم أنواع القوة المعنوية، التي يهملها غالبا الأفراد والجماعات، ويسقطونها من حساباتهم في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة، فقوة المال والعتاد والرجال دون تقوى الله تعالى هي ذل ومهانة وخزي وندامة: ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
معنى القوة في الإسلام
القوة لغة: شدة الإرادة. الارادة الشديدة
القوة شرعاً: هي ما يميز الإنسان عن غيره في الخصائص الجسمية والعقلية حتى يكون عنصراً فاعلاً في بناء أمته وحضارته.
فالقوة في الإسلام متعددة الجوانب تمتد من قوة الجسد لتشمل قوة الروح والقوة المالية والإقتصادية وقوة الإيمان التي تدفع صاحبها للقيام بواجباته على أكمل وجه والابتعاد عن المعاصي.
إلى توضيح مفهوم القوة في الإسلام، حيث تتجلى القوة بشكل شامل في عدة جوانب تشمل البعد الروحي والاجتماعي والجسدي،
كيف يمكن للإيمان والأخلاق والجسد والعمل الخير أن تتداخل لتشكل قاعدة قوية للفرد المسلم
نلقي نظرة على الخطة العملية التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لتحقيق القوة والتفوق.
في محاولة لفهم معنى القوة في الإسلام، نستكشف سوياً كيف يمكن للإيمان القوي والأخلاق الفاضلة المساهمة في بناء فرد متميز وفعال في تطوير المجتمع، لنكن جزءاً من هذه الرحلة التي تهدف إلى تعزيز قيّم الإسلام وتحقيق القوة في جميع جوانب الحياة
التنمية الاقتصادية قوة عظيمة قد شغلت فكر المسلمين القدامى، بحثت تحت لفظ ” عمارة الأرض ” الذي جاء في قوله تعالى: ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ) ، أي كلفكم بعمارتها، واصطلاح ” عمارة الأرض ” يشمل بالتأكيد التنمية الاقتصادية، إذ ” يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتابه إلى واليه علي مصر : ” وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج من غير عمارة أخرب البلاد ” .
ماهي النصائح والإرشادات النبوية التي وضعها رسولنا صلي الله عليه وسلم لتحقيق القوة
خطة النبي صلى الله عليه وسلم لتحقيق القوة
وضع النبي صلى الله عليه وسلم خطة شاملة لتحقيق القوة في جميع الجوانب، استندت هذه الخطة إلى الاستماع لوحي الله وتطبيقه في الحياة اليومية، وتضمنت تعزيز الإيمان والأخلاق، وتحفيز العلم والتعلم، وتعزيز الوحدة والتعاون في المجتمع.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ، ولَا تَعْجَزْ، وإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وكَذَا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَرَ اللَّه، ومَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
المؤمن بالله الواثق بنصر الله قوي وإن لم يكن في يده سلاح .
إن المؤمن بالله غني وإن لم تمتلأ خزائنه بالذهب والفضة .
إن المؤمن بالله الواثق بنصر الله وإن الرزق من عند الله عزيز وإن لم يكن وراءه عشيرة وأتباع وهو أيضا ثابت وإن اضطربت به مصائب الحياة.
فالمؤمن أقوى من البحر بأمواجه والرياح بهبوبها والجبال وثباتها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم القائل .
((لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال
فالإمة بحاجة إلى الفرد القوي بدينه القوي بإيمانه الواثق بنصر الله وتأييده المؤمن بأن الرزق والأجل ليس بيد أحد إلا الله .
أسال الله العظيم لي ولكم الهداية والقبول
الخطبة الثانية
الحمدلله وكفي وصلاة وسلاما علي عباده اللذين أصطفي
وبعد
أيها الأخوة المسلمون من مصادر قوتنا ثانيا الإيمان بالحق : فالمؤمن يستمد قوته من الحق الذي يومن به ويعمل له فهو لا يعمل لشهوة عارضة ولا لمنفعة شخصية ولا لعصبية جاهلية لكنه يعمل للحق الذي قامت له السماوات والأرض : ((وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ))
هذا الإيمان هو الذي جعل مجموعة من الفتية الشباب أصحاب الكهف يواجهون بعقيدتهم ملكا جبارا مع قلة العدد وانعدام القوة المادية لكن معهم القوي الجبار
(( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ))
لإنهم تجردوا من كل حول وقوة إلا حول الله وقوته
قال أحد التابعين عجبت لمن خاف من أي شيء ولم يفزع إلى قوله تعالى :
(( حسبنا الله نعم الوكيل )) لإني قرات بعدها قوله تعالى(( فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ))
وعجبت لمن مكر به ولم يفزع إلى قوله تعالى :
((وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ))غافر44
فإن الله يقول بعدها
((فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ))
وعجبت لمن أصابه كرب ولم يفزع إلى قوله تعالى : ((لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ))
فإن الله يقول بعدها
((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ))
اللهم ارزق مصر الأمن والأمان
والله أعلي واعلم
No comment