موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام، الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام على أشرف الأنبياء، والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
أما بعد:
عباد الله
إن الكلمة الطيبة، هداية الله وفضله لعباده ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ ْ وهي رسالة المرسلين، وسمة المؤمنين، دعا إليها رب العالمين في كتابه الكريم فقال: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً ﴾ ْ
إن القرآن الكريم بيّن لنا أهمية الكلمة الطيبة وعظيم أثرها واستمرار خيرها، وبين خطورة الكلمة الخبيثة وجسيم ضررها وضرورة اجتثاثها، يقول جل جلاله: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ ْ
موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام
والإسلام قد اعتنى عناية كبيرة بما يتعلق بالكلام، واللسان، والأسلوب الذي نؤدي به هذا الكلام، وكلام الإنسان يُبين عن خلقه، ويُبين عن عقله، لربما يكون الإنسان صامتاً فإذا تكلم عرف الناس قدره، وعرفوا ما يحمله من أخلاق، وقيم، ومفاهيم، ومبادئ؛ وذلك حينما عبر بلسانه، وتكلم، ولهذا ينبغي على الإنسان أن يسأل نفسه قبل أن يتكلم هل هناك ما يستدعي للكلام، وإلا فمن كان يؤمن بالله، واليوم الآخر فليقل خيراً، أو ليصمت ولذا قيل: “خير الألسن المخزون، وخير الكلام الموزون، فحدث إن حدثت بأفضل من الصمت، وزين حديثك بالوقار، وحسن السمت”
إن الطيش في الكلام يُترجم عن خفة الأحلام، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما زان المتكلم إلا الرزانة كما قالت الحكماء، يقول ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه، وأرضاه – : “والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان” إن الذين تقودهم ألسنتهم، ولا يقودونها إنما تقودهم إلى مصارعهم، ولذلك فإن اللسان السائب حبل مُرخى في يد الشيطان، يقود الشيطان به العبد حيث شاء، والبعد عن اللغو من أركان الفلاح؛ ولذا ذكره الله بين فريضتين من أجلّ فرائض الإسلام، الصلاة، والزكاة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون: فجعله بينهما مما يدل على أهمية ذلك، ومنزلته، وقدره، فينبغي على العباد أن يراعوا هذه القضية.
خطبة الجمعة القادمة مكتوبة
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه وليس يموت المرءُ من عثرة الرِّجلِ فالكلام الطيب العف، الكلام اللين يجمُل مع الجميع، يجمُل مع الأصدقاء، والأعداء جميعاً، وله ثماره الحلوة، وظلاله الوارفة، أما مع الأصدقاء فإنه تُستدام به الصداقة، ويُدفع كيد الشيطان.
وقد قال علي “من لانت كلمته، وجبت محبته”وهذا شيء مشاهد، فالناس يحبون، ويميلون إلى من يتلطف بهم بالقول، وينفرون غاية النفور ممن يخاشنهم في الكلام، ويزجرهم في المخاطبة
كيف أصبحتَ كيف أمسيتَ مما يُنبت الودَّ في فؤاد الكريمِ وأما مع الأعداء فإنه يطفئ نار العداوة، ويكسر حدّتها، أو على الأقل يوقف تطور الشر، والله يقول: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ فإذا تكلم العبد بكلمة قد تُنتقد، وتُعاب فإن الشيطان قد يتخذ ذلك مدخلاً لإثارة الضغائن، وإثارة النفوس فيحصل من الشر، والعداوات ما لا يقادر قدره،
وقد أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما – مرفوعاً إلى النبي ﷺ: إن في الجنة غرفة يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها فقال أبو موسى الأشعري وكان حاضراً: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وبات لله قائمًا، والناس نيام وفي الحديث الآخر: أطِب الكلام، وأفشِ السلام، وصل الأرحام، وقم بالليل، والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام وقد قال الله – تبارك، وتعالى – في سورة البقرة في الميثاق الذي أخذه على بني إسرائيل – والمراد بالميثاق هو العهد المؤكد – : وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ))الكلمة الطيبة، هداية الله وفضله لعباده ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ ْ[الحج: 24]، وهي رسالة المرسلين، وسمة المؤمنين، دعا إليها رب العالمين في كتابه الكريم فقال: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً ﴾ ْ
إن القرآن الكريم بيّن لنا أهمية الكلمة الطيبة وعظيم أثرها واستمرار خيرها، وبين خطورة الكلمة الخبيثة وجسيم ضررها وضرورة اجتثاثها، يقول جل جلاله: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ ْ
فالكلمة الطيبة ثابتة بثبات آثرها في القلوب والكلمة زائلة ويبقي آثرها وذنبها
هذا والله اعلي واعلم
موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً”
الخطبة الثانية
الحمدلله وكفي وسلاما علي عباده اللذين أصطفي
وبعد
البِرَ شيء هيِّن: وجه طليق وكلام ليِّن، فلنرطِّب ألسنتنا بالكلمة الطيبة التي تزيل الجفاء، وتذهب البغضاء والشحناء، وتدخل إلى النفوس السرور والهناء والمحبة والمودّة والوئام
السلف الصالح والمؤمنون الصادقون الصالحون كانوا يتعهدون ألسنتهم ويحرصون على انتقاء كلماتهم وألفاظهم فعاشوا أتقياء أنقياء أصفياء وسعداء. فهذا الأحنف، ابن قيس يخاصمه رجل فيقول له: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فيقول له الأحنف: لكنك والله لو قلت عشراً ما سمعت واحدة”.
يقول وهب بن منبه: “ثلاث من كُنّ فيه أصاب البر: سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام”؛ إن الكلام الليّن يغسل الضغائن المستكنّة في النفوس، ويحول العدو اللدود إلى حميم ودو
لتكن كلماتنا مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، نبني حياتنا بوحيٍ من هداها، نتنسّم عبير شذاها مستجيبين لنداء رب العالمين ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾
والله اعلي واعلم
No comment