خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير، يؤدي ائمة وخطباء وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان ” وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا “.
️عناصرُ خطبةِ
️أولًا: منزلةُ السلامِ في الإسلامِ.
️ثانيًا: السلامُ صورٌ ومجلاتٌ.
️ثالثًا: دعوةٌ إلى السلامِ.
موضوع خطبة الجمعة القادمة
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
أولًا: منزلةُ السلامِ في الإسلامِ.
إنَّ السلامَ لهُ منزلةٌ كبيرةٌ في الإسلامِ، والسلامُ مأخوذٌ مِن السلمِ والأمانِ، والسلامُ مِن أسماءِ اللهِ الحُسني، قالَ تعالى: { الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ }(الحشر: 23). والسلامُ اسمٌ مِن أسماءِ الجنةِ، قالَ تعالَى: { لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ } ( الأنعام : 127). والسلامُ تحيةُ أهلِ الجنةِ، قالَ تعالَى: { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ }(إبراهيم: 23).
️ثانيًا: السلامُ صورٌ ومجلاتٌ.
لذلكَ كانْ مِن هديهِ ﷺ السلامُ قبلَ الكلامِ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ:” السّلَامُ قَبْلَ السّؤَالِ، فَمَنْ بَدَأَكُمْ بِالسّؤَالِ قَبْلَ السّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ “.( ابن عدي وابن النجار بسند حسن ) . قال النوويُّ:” السنةُ أنَّ المسلمَ يبدأُ بالسلامِ قبلَ كلِّ كلامٍ، والأحاديثُ الصحيحةُ وعملُ سلفِ الأمةِ وخلفِهَا على وفقِ ذلك مشهورةٌ، فهذا هو المعتمدُ في هذا الفصلِ”. ( شرح النووي). وأعظمُ ما يحسدُنَا عليهِ اليهودُ هو السلامُ والتأمينُ؛ لما فيهمَا مِن الفضلِ العظيمِ والثوابِ الجزيلِ، فعَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ”( ابن ماجة بسند صحيح).
إنَّ السلامَ هدفٌ أسمَى للأنبياءِ عليهمُ السلامُ وللشرائعِ السماويةِ كلِّهَا، ومِن أهمِّ غاياتِهَا في الأرضِ، فهذا نوحٌ – عليه السلامُ – يخاطبهُ ربُّهُ بقولهِ تعالى: {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ}(هود: 48).
وهذا إبراهيمُ – عليه السلامُ – لمَّا وصلَ مع أبيهِ إلى نقطةٍ لا يمكنُ معها الاتفاقُ، وأصرَّ أبوهُ على طردهِ، قابلَ كلَّ ذلك بسلامٍ كمَا قال تعالى: { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا }. (مريم: 46 ؛ 47 ). فمعَ كلِّ هذا الوعيدِ والتهديدِ مِن والدِ إبراهيمَ عليه السلامُ، لم يقابلْهُ إبراهيمُ إلَّا بمَا يليقُ بما عليه الأديانُ مِن سلامٍ مع النفسِ، وسلامٍ مع الآخر، وسلامٍ مع الكونِ كلِّه، ومقابلةِ السيئةِ بالحسنةِ، { قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا }.
وهذا عيسَى – عليه السلامُ – في أحلكِ الظروفِ التي مرتْ بها أمُّهُ مريمُ عليها السلام، وما رُمِيتْ بهِ، يُلقِى السلامَ على نفسهِ، فيقول: { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا }. فالسلامُ هو الأصلُ في العلاقاتِ بينَ الناسِ جميعًا على اختلافهِم، فاللهُ سبحانَهُ وتعالى عندمَا خلقَ البشرَ لم يخلقْهُم ليتعادُوا أو يتناحرٌوا، وإنَّمَا خلقَهُم ليتعارفُوا ويتآلفُوا ويعينَ بعضُهُم بعضًا، وليعيشَ الناسُ في ظلِّهِ سالمينَ آمنينَ على أنفسِهِم وأعراضِهِم وأموالِهِم.
وهذا خاتمُ النبيينَ وصاحبُ الذكرَى العطرةِ ﷺ رسولُ السلامِ، جاءَ برسالةِ السلامِ إلى العالمِ أجمع، ويكفِى أنَّهُ ﷺ قد بدّلَ اسمَ أحدِ أصحابِهِ إلى سلمٍ وكان يُسمَّى حربًا ، وقد شهدَ أبو سفيانَ زعيمُ قريشٍ -وهو رجلٌ حاربَ رسولَ اللهِ سنواتٍ عديدةٍ، ولم يؤمنْ إلاَّ بعدَ أكثرَ مِن عشرينَ سنةً مِن الإعراضِ والصَّدِّ- شهدَ لرسولِ اللهِ بالسلامِ والتسامحِ بقولِهِ: ” إِنَّكَ لَكَرِيمٌ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، وَاللَّهِ لَقَدْ حَارَبْتُكَ فَنِعْمَ الْمُحَارِبُ كُنْتَ، ثُمَّ سَالَمْتُكَ فَنِعْمَ الْمُسَالِمُ أَنْتَ، جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا .”[ تاريخ دمشق لابن عساكر].
موضوع خطبة الجمعة pdf
وللسلامِ صورٌ ومجالاتٌ عديدةٌ تشملُ هذا الكونَ الفسيحَ والمجتمعَ والبيئةَ وما فيهَا، ومِن هذه الصورِ :
السلامُ مع النفسِ: وذلك بتطهيرِهَا مِن الفسادِ والعصيانِ، والعملِ على تزكيتِهَا بالطاعةِ والطمأنينةِ والسكونِ النفسِي، قالَ تعالَى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }. (الشمس : 7 – 10). إنَّ فلاحَ الإنسانِ أنْ يزكِّي نفسَهُ وينميهَا إنماءً صالحًا بتحليتِهَا بالتقوى وتطهيرِهَا مِن الفجورِ، والخيبةِ والحرمانِ مِن السعادةِ لمَن يدسيها . ولذلك كِان ﷺ يكثرُ مِن الدعاءِ بقولهِ: “اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا “. (مسلم)
ومنها: السلامُ مع أفرادِ المجتمعِ: وذلك بحسنِ معاملةِ الجميعِ، وعدمِ التعرضِ لهم بأذَى، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ». (متفق عليه). يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ -رحمَهُ اللهُ-: ” يقتضِي حَصْر المسلمِ فيمَن سلِمَ المسلمونَ مِن لسانهِ ويدهِ، والمرادُ بذلك المسلمُ الكاملُ الإسلامُ الواجبُ، إذْ سلامةُ المسلمين مِن لسانِ العبدِ ويدهِ واجبةٌ، وأذىُ المسلمِ حرامٌ باللِّسانِ واليد” أ.هـ (فتح الباري).
إنَّ المسلمَ كما يؤجرُ على فعلِ الطاعاتِ، كذلك يؤجرُ على كفِّ الأذىَ، قال أبو ذرٍّ: ” قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: تَكُفُّ شَرَّك عَنْ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْك عَلَى نَفْسِك ” (متفق عليه).
ومنها: السلامُ مع الجيرانِ: وذلك بمدِّ يدِ السلمِ والعونِ لهم، ورفعِ الضرِّ والأذَى عنهُم، لذلك حذرَ النبيُّ ﷺ مِن أذيةِ الجارِ أشدَّ التحذيرِ فقَالَ:” وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: الْجَارُ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا بَوَائِقُهُ ؟ قَالَ: شَرُّهُ “. (البخاري) . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ” هِيَ فِي النَّارِ ”، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ” هِيَ فِي الْجَنَّةِ ”. (أحمد وابن حبان والحاكم وصححه) .
ومنها: السلامُ مع الدوابِّ والطيورِ: وذلك بعدمِ إيذاءِ الطيور والبهائمِ المعجمةِ التي لا تنطقُ، فعن عبداللَّهِ بنِ مَسعودٍ قالَ:” كُنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ؛ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ، فأخذنا فَرخَيها، فجاءتِ الحُمَّرةُ فجعلت تفرِشُ، فجاءَ النَّبيُّ ﷺ فقالَ: من فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها. ورأى قريةَ نملٍ قد حرَّقناها فقالَ: مَن حرَّقَ هذِهِ؟ قُلنا: نحنُ. قالَ: إنَّهُ لا ينبَغي أن يعذِّبَ بالنَّارِ إلَّا ربُّ النَّارِ”. (أبو داود والحاكم وصححه).
ومنها السلامُ مع البيئةِ: فحينمَا حثَّ الإسلامُ على نظافةِ وطهارةِ البيوتِ والأفنيةِ والبدنِ والثيابِ والأسنانِ والمكانِ والمياهِ، فإنَّما مِن أجلِ السلامةِ مِن الأمراضِ والأوبئةِ التي تنتشرُ عن طريقِ القاذوراتِ والقماماتِ، وهذا كلُّهُ مِن بابِ الوقايةِ والتحفُّظِ مِن الأمراضِ وأسبابِهَا، ونشرِ السلامِ البيئِي، وكلٌ له دليلُهُ مِن القرآنِ والسنةِ.
ومنها السلامُ مع الوطنِ: وذلك بالحفاظِ على معالمِ الوطنِ وآثارهِ ومنشآتهِ العامةِ والخاصةِ، والحفاظِ على مياهِ نيلِهِ، وعدمِ الإفسادِ في أرضهِ، أو تخريبهِ وتدميرهِ، وعدمِ قتلِ جنودهِ وحراسهِ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراستِنَا وحراسةِ أراضينَا!! فعن الأصمعِي قال: ” إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدهِ، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانهِ، وتشوُّقِهِ إلى إخوانهِ، وبكائِهِ على ما مضَى مِن زمانِهِ.” ( الآداب الشرعية لابن مفلح).
ومنها: السلامُ مع غيرِ المسلمين: فقد أمرَ اللهُ المسلمينَ في القرآنِ الكريمِ ببرِّ ومسالمةِ مخالفيهِم في الدينِ، الذين لم يتعرضُوا لهم بالأذَى والقتالِ، فقالَ تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8).
قال الطبريُّ: “عنى بذلكَ لا ينهَاكُم اللهُ عن الذينَ لم يقاتلوكُم في الدينِ مِن جميعِ أصنافِ المللِ والأديانِ أنْ تبروهُم وتصلوهُم وتقسطُوا إليهم .. وقولُهُ: { إنَّ اللهَ يحبُّ المقسطِين } يقولُ: إنَّ اللهَ يحبُّ المنصفينَ الذين ينصفونَ الناسَ ويعطونَهُم الحقَّ والعدلَ مِن أنفسِهِم، فيبرونَ مِن برهِم، ويحسنونَ إلى مَن أحسنَ إليهِم.”
دعوةٌ إلى السلامِ خطبة الجمعة مكتوبه
أيُّهَا الإخوةُ المؤمنون: هذه دعوةٌ لجميعِ المسلمينَ إلى التعاملِ بسلامٍ مع جميعٍ أطيافِ المجتمعِ، مع المسلمينَ وغيرِ المسلمين، مع الأهلِ والجيرانِ، مع الأصدقاءِ والخِلَّانِ، مع النباتِ والجمادِ والحيوانِ، مع الكونِ كلِّه، علينَا أنْ نُظهِرَ للعالمِ والكونِ كلِّهِ السلامَ والأمنَ والأمانَ في دينِنَا الحنيفِ، فيكونَ ذلك دعوةً عمليةً لدخولِ الغيرِ في الإسلامِ، ولهذا أمرَ اللهُ جميعَ المؤمنينَ أنْ يدخلُوا في السلمِ والسلامِ فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
إنَّ النبيَّ ﷺ كان مثالًا حيًّا للأمنِ والأمانِ والسلامِ، ففي طريقِ الهجرةِ فرضتْ قريشٌ دِيَّةً جائزةً لمَن يأتي بمُحمدٍ، فقامَ سراقةُ بنُ مالكٍ وتبعَ النبيَّ ﷺ وصاحبَهُ أبَا بكرٍ، فلمَّا رآهُ ﷺ دعَا عليهِ، فساختْ قدمَا فرسهِ في الأرضِ، فنادَى الأمانَ يا مُحمدٌ؟! فأعطاهُ النبيُّ ﷺ الأمانَ والسلامَ، وكتبَ لهُ كتابًا بذلك؛ ووعدَهُ بأنَّهُ يلبسُ سوارَي كسرَى
فقالَ: كيفَ بكَ يا سراقةُ إذا لبستَ سوارَي كسرَى وتاجَه؟!! فلمَّا فُتحَتْ فارسُ والمدائنُ، وغنمَ المسلمون كنوزَ كسرى، أتَى أصحابُ رسولِ اللهِ بهَا بينً يدي عمرَ بنِ الخطابِ، فأمرَ عمرُ بأنْ يأتُوا لهُ بسراقةَ، وقد كان وقتهَا شيخًا كبيرًا قد جاوزَ الثمانينَ مِن العمرِ، وكان قد مضَى على وعدِ رسولِ اللهِ لهُ أكثرَ مٍن خمسِ عشرة سنة، فألبسَهُ سواري كسرى وتاجَهُ، وقال لهُ ارفعْ يديكَ وقُل الحمدُ للهِ الذي سلبَهُما كسرى بنَ هرمزٍ وألبسهُمَا سراقةَ الأعرابِي . أ. ه وهكذا كان السلامُ والأمانُ مِن النبيِّ ﷺ سببًا في إسلامِ سراقةَ ولبسهِ سوارَي كسرى.
إنَّ السلامَ يعملُ على نشرِ المودَّةِ والمحبَّةِ بينً المسلمين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ؛ وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ؛ أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “.(مسلم). ولذلك قال عمرُ رضي اللهٌ عنه: «ثلاثٌ يصفينَ لكَ ودَّ أخيكً: أنْ تُسلّمَ عليهِ إذا لقيتَهُ، وتوسّعَ له في المجلسِ، وتدعُوه بأحبَّ أسمائهِ إليهِ».( البيهقي في الشعب).
إنَّ كلمةَ السلامِ بمدلولِهَا الشاملِ والعامِّ تشيرُ إلى تحيةِ السلامِ بينَ المسلمين، ونشرِ السلامِ العالمِي بينَ المسلمينَ وغيرِهَم مِن خلالِ نصوصِ القرآنِ والسنةِ، فكمَا أسّسَ الرسولُ ﷺ الدولةَ الجديدةَ في المدينةِ المنورةِ على أسسٍ ثلاثةٍ: المسجدُ، والمؤاخاةُ، والمعاهداتُ. فكذلكَ نحنُ في هذهِ المرحلةِ نحتاجُ إلى هذهِ الأسسِ الثلاثةِ في بناءِ وطنِنَا الحبيبِ، وذلك مِن خلالِ السلامِ مع اللهِ بامتثالِ المأموراتِ واجتنابِ المنهياتِ وإقامةِ شرعهِ وأحكامهِ، والسلامُ مع المسلمينَ بالتحيةِ والحبِّ والأمانِ، والتعايشِ السلمِي مع غيرِ المسلمين.
ولذلك كان النبيُّ ﷺ يبدأُ كتاباتِهِ لغيرِ المسلمينَ بالسلامِ ويختمُهَا بالسلامِ؛ لأنَّ الإسلامَ دينُ السلامِ، فالزمُوا السلامَ في أقوالِكُم وأفعالِكُم؛ فكم دُفِعَ مِن شرٍّ بسببِ كلمةِ “السلامُ عليكُم”! وكم حلَّ مِن خيراتٍ وبركاتٍ بسببٍ كلمةِ “السلامُ عليكُم”! وكم وُصِلَتْ مِن أرحامٍ بكلمةِ “السلامُ عليكُم”! وبذلك نعيشُ في جوٍّ مِن الحبِّ والإخاءِ والأمنِ والأمانِ والاستقرارِ محليًّا وعالميًّا؛ فالمسلمُ حينَ يُلقِي السلامَ على أخيهِ كأنَّهُ يقولُ لهُ بلسانِ حالهٍ: عِشْ سالمًا آمنًا مطمئنًا، ولا تخشَى منِّي على نفسِكَ وعرضِكَ ومالِكَ، وهذا بدورهِ يحققُ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ بينَ أفرادِ المجتمعِ المسلمِ.
إنَّ احتفالَنَا بمولدِهِ الشريفِ ﷺ لا يتحققُ إلَّا بإطفاءِ نيرانِ العداوةِ وإحلالِ الأمانِ والسلامِ في كلِّ شئونِنَا.
نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا مِن أهلِ السلمِ والسلامِ، وأنْ يُدخلَنَا الجنةَ دارَ السلام
[…] خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ ماهر خطير بعنوان “”وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا” […]
[…] الجمعة القادمة مكتوبة، حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024م بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ […]
[…] مكتوبة، يؤدي ائمة وخطباء وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة 20 سبتمبر بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ […]