موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام “وجعلنا من الماء كل شئ حي” عناصر الخطبة:
أولا نعمة الماءأهميتها وان الماء أصل الحياة
ثانيا الحفاظ علي نعمة الماء
الحمد لله الذي أنزل من السَّماء ماءً لكم منه شَرابٌ ومنه شجرٌ فيه تُسِيمُون، نحمده سبحانه وتعالى حمد المقِرِّين بنعمه ولها يشكرون، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن سيِّدنا محمداً عبده ورسوله، ومصطفاه من خلقه وخليله، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، والتَّابعين لهم بإحسان، صلاةً وسلاماً تامَّين متعاقبين ما تعاقب اللَّيل والنَّهار.
أما بعد
عباد الله: إنَّ الحديث أهمية الماء وانه أصل الحياة وكذلك الحديث عن حُسن استعمال الماء هو حديثٌ يهمُّ حفظ الحياة التي تعد من كليات الدِّين العظمى التي جاءت الشَّريعة لحفظها، فهو قوامها، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ اَ۬لْمَآءِ كُلَّ شَےْءٍ حَيٍّ) إن الماء آية من آيات الله، وجند من جنده، يتنزَّل على عباد الله رحمةً، وإن نقص عنهم أو زاد عليهم صار عذابًا ونقمةً، يستبشر الناس بمقدمه، ويفرحون بحلوله ونزوله، أمتنَّ الله به على عباده، وذكره في كتابه أكثر من خمسين مرةً، وجعله في الجنة نوعًا من نعيمه، غالب تكوين الأرض منه، هذه الآية يا عباد الله الماء.
فالله سبحانه أوجده وأمتنَّ على عباده به، ودعاهم للتفكُّر في إنزاله وتكوينه، قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾-
موضوع خطبة الجمعة القادمة مكتوبة للشيخ محمود البرام “وجعلنا من الماء كل شئ حي”
والله وحده هو القادر على الذهاب به، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ ، فالماء أصل الخلق، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
جعل الله من الماء كل شيء حي، فلا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونه سوى أيام قليلة، الماء سبب للحياة، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا ﴾الماء طهارة ونقاء، به يكون الاغتسال والوضوء والاستنجاء، قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾
الماء شفاء بإذن الله، فعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: (الحُمَّى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء))؛ متفق عليه.
الماء البارد شفاء من أمراض متعددة، فلما أصابت الحُمَّى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته أمر بسبع قرب لم تحل أوكيتهُنَّ لتُراق عليه، وقال عليه السلام: ((أَيُّمَا أَحَدٍ مِنْكُمْ أَخَذَهُ الْوِرْدُ يَصُبُّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ بَارِدٍ))، قَالَ الْحَضْرَمِيُّ: الْوِرْدُ: الْحُمَّى، وقال تعالى عن نبيِّه أيوب عليه السلام: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ
عباد الله، الماء حقٌّ للجميع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الناسُ شُركاءُ في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار))، فبالماء تثبت الأقدام، ويربط على القلوب، ونصر من الله، وهذا ما حصل للمسلمين يوم بَدْر، قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ لعظيم أمر الماء جعل الله وسائل لحفظ ماء الأمطار إذا نزل، فيسلكه ينابيع في الأرض أو يكون في مياه الأنهار أو الحفظ في العيون والآبار، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ﴾
عباد الله، سقْيُ الماءِ عبادةٌ من أفضل العبادات والأعمال، قال ابن عباس رضي الله عنه حين سُئل عن أفضل الصَّدَقة، قال: الماء؛ ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة: ﴿ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 50]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال سعد: يا رسول الله، إنَّ أُمَّ سعد كانت تحبُّ الصدقة، أفينفعها أن أتصدَّق عنها؟ قال: ((نعم، وعليك بالماء))، وفي رواية “أنه عليه السلام أمره أن يسقي عنها الماء”
قال القرطبي رحمه الله في تفسير الآية: وفي هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال، ثم قال مُعلِّقًا على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة: أن يتصدَّق عن أُمِّه بالماء دلَّ ذلك على أن سقي الماء من أعظم القُرُبات عند الله، قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبُه فعليه بسقي الماء، وتلك البغِيُّ التي سقت الكلب ماءً فدخلت الجنة
عباد الله إن الماء أصل الحياة وفرعها علينا ان نحافظ عليه وان نستخدم الماء بغير سرف والله أعلي وأعلم
الحمدلله وكفي وصلاة وسلاما علي عباده اللذين اصطفي وبعد
عباد الله السؤال الذي يطرح نفسه
كيف نحافظ علي نعمة الماء
عدم الإسراف الماء هو أحد الموارد الضرورية التي يحتاج إليها الناس في جميع أمور حياتهم، وقد وصَّى الدين الإسلامي بضرورة المحافظة عليه والترشيد في استهلاكه، والحرص على عدم الإسراف فيه، وخير قدوة للمسلمين هو سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، إذ ورد عنه أنَّه: (كانَ يَغْسِلُ، أوْ كانَ يَغْتَسِلُ، بالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، ويَتَوَضَّأُ بالمُدِّ)،[] كما حرص أهل العلم على التذكير بتجنُّب الإسراف بالماء حتى وإن كان ماء البحر أو النهر، ويجب على كلِّ مسلم أن يضع على عاتقه مسؤولية إحسان استعمال الماء. عدم التعدي على موارده بالتلويث إنَّ تعمُّد تلويث الماء الذي ينتفع منه الناس يعدُّ من الخصال السيئة التي يجب على كلِّ مسلم أن يتجنَّبها، وذلك لما قد يخلِّفه هذا التلوُّث من آثار سلبية وضارَّة بالآخرين.
ومن أبرزها تلك الأمراض التي تنتشر من خلال المياه الملوَّثة؛ ومنها مرض البلهارسيا وغيره من الأمراض الخطيرة. الشكر باللسان والتفكر بالنعمة يعتاد بعض الناس على النعم وتصبح مألوفة بالنسبة لهم، وبالتالي لا يدركون أهميتها لأنَّها متوفرة دائمًا بين أيديهم وأمام أعينهم، كما قد ينسون شكر الله -تعالى- عليها، ومن هذه النعم نعمة الماء التي لو فقدها الإنسان يومًا لعرف أنَّ فضل الله عليه عظيمًا، وأن فقد هذه النعمة من أصعب الأمور، لذلك يجب على المسلم أن يشكر ربَّه عليها دائمًا، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين يأكل أو يشرب يقول: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا)
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
ونسأل الله أن يرزق مصر الأمن والأمان
والله أعلي وأعلم
No comment