موضوع خطبة الجمعة القادمة الطفولة بناء وأمل

موضوع خطبة الجمعة القادمة


موضوع خطبة الجمعة، خطبة الجمعة القادمة مكتوبة، خطبة الجمعة الدكتور خالد بدير، خطبة الدكتور خالد بدير مكتوبة، خطبة الاسبوع. خطبة وزارة الأوقاف خطبة وزارة الأوقاف، خطب اون لاين، خطبة جاهزة أوقاف أون لاين، خطبة الجمعة القادمة أوقاف أون لاين، خطبة وزارة الأوقاف pdf ، خطبة الجمعة القادمة مكتوبة، خطبة الاسبوع القادم ، خطبة الأسبوع القادم ، خطبة الإسبوع ، خطبة الجمعة اليوم، خطبة الجمعة لهذا اليوم.خطب الأوقاف ، خطبة الأوقاف، خطبة أوقاف أون لاين، خطب ، خطبة قصيرة مؤثرة، أجمل الخطب المكتوبة.الخطب، الخطيب ، أوقاف أون لاين خطب، وزارة الأوقاف الخطبة.

موضوع خطبة الجمعة ٢٠ ديسمبر الطفولة بناء وأمل

لمتابعة خطب الجمعة الأسبوعية

لمتابعة أهم أخبار وزارة الأوقاف

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة ٢٠ من ديسمبر ٢٠٢٤م – ١٨ من جمادى الآخرة ١٤٤٦هـ ، بعنوان: “الطفولة بناء وأمل”.

موضوع خطبة الجمعة القادمة الطفولة بناء وأمل

وتهدف هذه الخطبة إلى توعية جمهور المسجد بأهمية بناء إنسان معتمد على العلم، قادر على مواجهة تحديات الزمن بالإنجاز، وهو ما يؤكد التوافق مع محوري بناء الإنسان وصناعة الحضارة.

الطفولة بناء وآمل خطبة الشيخ مكرم عبد اللطيف موضوع خطبة الجمعة القادمةبتاريخ 18من جمادي الآخرة 1446 هـ الموافق 20 ديسمبر 2024 م.


عناصر الموضوع:


1- حقوق الطفل فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة
2- حقوق الطفل قبل الولادة
3حقوق الطفل بعد الولادة

العنصر الأول: حقوق الطفل في القرآن الكريم والسنة النبوية

أولا: حقوق الطفل فى القرآن الكريم


1- حقه في والدين صالحين:
لعل من أهم حقوق الطفل على أبيه أن يختار له أُماً صالحه، وعلى أُمه أن تختار له أباً صالحاً يتقى الله في تربيته.
ويرجع ذلك الى التأثير العظيم للوالدين في أبنائهم، سواء عن طريق التأثير الوراثي أو البيئي، وكما هو معلوم أن الولد يتقمص شخصيه أبيه و البنت تتقمص شخصيه أُمها.
وقال تعالى ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3].
ثم قال تعالى: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الاعراف: 58].
وقال تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الطور: 32].
قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34].


والقانتات: المطيعات للأزواج يحفظن الأزواج في غيابهم وفي أولادهم وأموالهم وأنفسهم قال تعالى: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 26].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النساء: 25].
2- حقه في الحياة:
حرم الله تعالى قتل النفس بصفه عامه فقال ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾ [المائدة: 32].
ثم اختص بيان حرمة قتل الأولاد، ليبين سبحانه وتعالى عظيم رحمته واهتمامه بهذا الوليد الذي لم يرتكب جرماً ولم يقترف إثماً، وللتأكيد على أن قتل هذا الوليد عقوبته من أغلظ العقوبات، وأيضاً للإشعار بأن هذا الوليد كائن مستقل يجب أخذه في الاعتبار وأن يعامل على أساس أنه إنسان جديد.
قال تعالى ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151].
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].
3- حق الطفل في التسمية:
من شأن كل شيء في هذا الوجود أن يكون له اسم يعرف به، فما بالك بالإنسان الذي سخر الله له كل شيء في هذا الكون، فلا بد له من اسم يعرف به في الدنيا وفي الملأ الاعلى، ومن ثم فإن هذا الاسم له تأثير كبير في جوانب شخصية الطفل المسلم، لذلك فمن حق الطفل على أبويه أن يختاروا له اسم حسن يعرف به.
ويتضح لنا أحقية الطفل في التسميه، من خلال قولة تعالى ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 35-36]، ها هي امرأه عمران تهب ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، على أنه ذكر فلما وضعت؛ وضعت أُنثى ورغم أن وضعها جاء على خلاف ما كانت تتمنى إلا أنها لم تغفل حقها في التسميه فاختارت لها اسماً حسناً “مريم”، أي العابدة.
وهذا الحق جعله الله في الشرائع التي قبلنا وأقرته الشريعة الإسلامية، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم و أسماء آبائكم فأحسنوا أسمائكم”.
وقال تعالى ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾، [مريم: 7]، يبشر اله تعالى زكريا بغلام ويختار له اسماً لم يسمى به أحد قبله.
4- حقه في الرضاعة التامة:
أوجب لله تعالى على الأم أن ترضع صغيرها حولين كاملين وهي مدة الرضاعة التامة، قال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233].
فقد اتفق فقهاء الاسلام على أن الرضاعة واجب على الأم ديانة تسأل عنها أمام الله تعالى، حفاظاً على حياه الرضيع سواء كان ذكراً أم أُنثى وسواء أكانت الأم متزوجه بأبي الرضيع، أم مطلقه منه وانتهت عدتها[1].
5-حق الطفل في اللعب:
يعتبر اللعب بمثابه الشغل الشاغل بالنسبة للصغار، فحياتهم كلها في اللعب ويكون اللعب بالنسبة له موجهاً للتكيف الاجتماعي والانفعالي، حيث يتسم الطفل الذي يحرص على اللعب والمرح بالصحة النفسية الجيدة
واللعب ظاهرة نمائية اجتماعية لها تأثير مباشر على نمو الطفل الاجتماعي والخلقي وتأهيلهم لعالم الكبار، وهو جزء لا يتجزأ من حياته، فلا ينبغي أن يستهان به ويضيق على الطفل فيه فيحدث تصادم بين ذلك وبين ما فطروا وجبلوا عليه.
ويتضح لنا أهمية ظاهرة اللعب في حياه الطفل ومدى حقه فيه، بالنظر في قصة يوسف عليه السلام مع إخوته، حيث كان يعقوب عليه السلام يولي يوسف عناية ورعاية لما علم من أمره، ولما تنبئ به من حالهم وموقفهم منه في حال علمهم بأمر الرؤيا، فخاف عليه منهم، ولم يتركه لهم، ولم يأمنهم عليه مثل باقي إخوته، وعندما استحوذ علهم الشيطان وقرروا التخلص من أخيهم غيرة وحسداً دبروا أمرهم وأحكموا خطتهم، لم يبق أمامهم الا إقناع أبيهم بأخذه معهم مع علمهم المسبق برفضه، احتالوا على أبيهم و عرضوا عليه أنه سيلعب ويرتع معهم إذا هو تركه لهم.
قال تعالى: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾ [يوسف: 11-13]. فما كان يعقوب ليترك يوسف مع إخوته إلا لهدف عظيم وغايه نبيلة مؤثرة في إعداده وتنشئته.
6– حقه في الإنفاق عليه:
ومن مظاهر رعاية القرآن الكريم للطفل، أوجب على أبيه أن ينفق عليه حتى يقوى ويشتد عوده قال تعالى ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾” [الطلاق: 6-7].
وعن أبى هريره قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ” أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول ” تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد: أطعمني واستعملني ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني؟ فقالوا: يا أبا هريره سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا هذا من كيس أبى هريره [11].
وقد أورد الامام البخاري باباً كاملاً في فضل النفقة على الأهل ارجع اليه إن أردت الاستزادة.
7- حقه في الإنفاق على أُمه أثناء حمله:
لعل هذا الحق هو أسمى وأجل الحقوق التي كفلها الاسلام للطفل فحاشا لله أن يغفل عن إظهار حق من حقوق الطفل حتى وهو في بطن أُمه، حتى وإن كانت مطلقة.


قال تعالى ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾ [الطلاق: 6].
وذلك هو تكريم للأم ورحمة منه سبحانه بهذا الصغير، حتى لا يكون فشل الوالدين في حياتهم وعدم التوافق بينهما نكبة على الصغير


اهتمَّ الإسلام بحقوقِ الطفل قبل ولادته، عبرَ إصلاح المحضن والمرتَع، الذي سوف ينشأ فيه الطفل؛ ولذلك حضَّ الإسلام على الزواج حتى ينشأ الطفل من خلاله على الطهارة والعفة والاستقامة، وحرَّم الإسلام الزنا بكلِّ صوره؛ لأن الطفل عنده يكون نتاجَ نطفةٍ خبيثة مُهَانة، وعادةً يكون مصيرُه الضياع والفساد، وكذا حرَّم الإسلام عددًا من الأنكحة الفاسدة؛ حفاظًا على طهارة المحضن؛ مثل: نكاح المتعة، ونكاح الشِّغار، والمحلِّل، والاستبضاع.
ثانيا : حقوق الطفل فى السنة النبوي


أخذت الطفولة حيزا واسعا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلام، واعتنى علماء الحديث الذين أجمعوا السنة النبوية الشريفة بهذا الجانب، ولم يغفلوا الأحكام والآداب المتعلقة بالطفل في سائر مصنفاتهم الحديثية.
وسأتتبع بحول الله بعض ما ورد من ذلك في صحيح الإمام البخاري رحمه الله، لأن البخاري بالإضافة إلى كون صحيحه أصح كتاب في حديث رسول الله فاته قد اعتنى بتراجم هذا الكتاب، أي في اختيار تبويبه وعناوينه، عناية دقيقة فائقة، بحيث أصبحت تبرز شخصية البخاري وأفهامه واستنبطاته.
أعطى رسول الله عليه وسلم ولادة الطفل التفاته كريمة، فليست ولادة الطفل أمرا عاديا يمر.دون انتباه، فمن حق المولود :
1- حسن التسمية والتحنيك واماطة الأذى
فمن حق الطفل أن يسمى ويختار له الاسم الحسن، وأن يماط عنه الأذى، وأن يحنك، وأن يدعى له ويبرك عليه، وأن يعق عن فقد ذكر البخاري في باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( ولد لي غلام، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة، ودفعه إلي)، وكان أكبر ولد أبي موسى
وروى في نفس الباب عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها حملت بعبد بن الزبير بمكة، قالت : ( فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة، فنزلت قباء، فولدت بقباء ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعته، ثم دعا بثمرة فمضغها، ثم تفل فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له فبرك عليه). وروى في باب أماطة الأذى عن الصبي في العقيقة عن سلمان بن عامر الضبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى»
. فإذا رأى رسول الله غلاما لم يحسن أبوه تسميته بادر فغير اسمه،
روى البخاري عن سهل قال : ( آتي بالمنذر ابن أبي أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد، فوضعه على فخده، وأبو أسيد جالس، فلهي النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من فخذ النبي، فاستفاق النبي فقال : «أين الصبي؟»، فقال أبو أسد : قلبناه يا رسول الله. قال «ما اسمه؟»، قال : فلان. قال: «ولكن اسمه المنذر»، فسماه يومئذ المنذر وإنما لم يذكر في الرواية الاسم الذي كان سماه به أبوه لأنه لم يكن متحسنا فسكت الراوي عن تعيينه.
2- الرحمة والشفقة بالطفل
وكان صلى الله عليه وسلم شديد الرحمة والشفقة بالصغار، بحسن معاشرتهم، ويحملهم ، ويضعهم في حجره، ويقبلهم، ويعانقهم، ويمسح على رؤوسهم، وينهى عن قتل الأولاد في الحرب، فهم أطفال أبرياء لا يؤخذون ولا يؤاخذون بجريرة آبائهم المناوئين للهداية الربانية. روى البخاري في باب بول الصبيان وفي باب وضع الصبي في الحجر عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فاتبعه إياه)
، وهكذا ينتهي الأمر بغاية التبسيط والتيسير، يغسل ما أصابه من بول الغلام دون ضجة ولا كراهية ولا امتعاض.
وفي باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته روى البخاري هذه الأحاديث :
عن ابن أبي نعم قال : كنت شاهدا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض، فقال : ممن أنت ؟ .
فقال : من أهل العراق.
قال : انظر إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم ! وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « هما ريحانتاي من الدنيا».

  • عن عائشة قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته ، فقال : «من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار».
  • عن أبي قتادة قال : خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فصلى، فإذا ركع وضع وإذا رفع رفعها.
  • – عن أبي هريرة قال : قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الاقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: أن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم».
  • عن عائشة قالت : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أو أملك لك أن نزع الله قلبك الرحمة؟ »
    وفي هذه الأحاديث مزيد شفقته صلى الله عليه وسلم على الأطفال ورحمته بهم حبه له، حتى أنه ليحمل أمامه بنت ابنته زينب وهو في الصلاة، يضعها على الأرض إذا هوى للركوع، ويحملها مرة ثانية إذا رفع من السجود. بل كان صلى الله عليه وسلم يخفف الصلاة والناس مؤتمون به إذا سمع بكاء صبي حتى لا تفتن أمه في صلاتها ولئلا تبطئ عن إسعاف حاله وإصلاح شأنه.
    روى البخاري في باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فاتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه »
    3- عيادة الطفل عند مرضه
    وشرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عيادة الصبي المريض، وكان يمسح بيد البركة والرحمة والحنان على رأس الطفل المريض ويدعو له، وفي باب عيادة الصبيان
    روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن ابنة للنبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه . . . فرفع الصبي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ونفسه تقعقع، ففاضت عينا النبي، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال : «هذه الرحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء»
    . وفي باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له روى عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خلتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول أن ابن أختي وجع. فمسح رأسي ، ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوءه
    وكان ظئر إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم (أي زوج مرضعته) قينا ( أي حدادا) وكان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يذهب لزيارة ولده إبراهيم.
    روى البخاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا بك لمحزونون عن أنس بن مالك قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين – وكان ظئرا لإبراهيم – ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : وأنت يا رسول الله؟ فقال : «يا بن عوف إنها رحمة»، ثم اتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم : «أن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وأنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» .
    وجعل عليه الصلاة والسلام من أعظم الذنوب أن يقتل الإنسان ولده كما كان منتشرا عند أهل الجاهلية. روى البخاري في باب قتل الولد خشية أن يأكل معه عن عبد الله بن مسعود قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل الله ندا وهو خلقك». قال: ثم أي؟ قال : «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك». قال : ثم أي؟ قال : «أن تزاني حليلة جارك». وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم : «والذين لا يدعون مع الله إلها آخر»
    وروى البخاري في باب قتل الصبيان في الحرب عن ابن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان. وفي رواية : فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتل النساء و الصبيان “
    4- ممازحة الأطفال والمداعبة لهم
    أما عن ممازحة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال ومداعبته لهم فقد روى البخاري عن محمود بن الربيع قال : عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو. أي أن النبي عليه الصلاة والسلام ملأ فمه ماء دلو ثم أفرغه في وجه الطفل الصغير محمود بن الربيع من باب المزاح والمداعبة.
    وكان لأخي أنس الصغير وكنبته أبو عمير نغير (طائر) يلعب به، فمات، فحزن عليه. روى البخاري في باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير، وكان إذا جاء قال : «يا أباعمير، ما فعل النغير؟ »
    وروى البخاري في باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها عم أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سنه سنه». قال عبد الله : وهي بالحبشية حسنة. قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «دعها» ثم قال : «ابلي واخلقي ثم ابلي واخلقي ثم ابلي واخلقي» دعا لها بطول العمر ثلاث مرات.
    ومما رتب النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل لمن يعول طفلا يتيما أنه جعله معه في الجنة،فقد روى البخاري في باب فضل من يعول يتيما عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وقال بأصبعيه السبابة والوسطى ). أي قرنهما وأشار بهما.
    5- تربية الطفل على الآداب الاسلامية
    أما في مقام التربية فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلك سبيل التقريع أو التعنيف فضلا عن اتباع طريقة الضرب، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها فيما رواه الإمام مسلم قالت: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله )
    . وقال أنس بن مالك الذي خدم رسول الله عشر سنين قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة – أي زوج أمه – بيدي، فانطلق بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أن أنا غلام كيس فليخدمك. قال أنس فخدمته في السفر والحضر، ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا؟ ) (رواه البخارى).
    وقال عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت غلاما في حجر رسول الله صلى اله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك»، فما زالت تلك طعمتي بعد )
    وكذلك يروي البخاري في أدب السلام بين الصغار والكبار في باب يسلم الصغير على الكبير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير»
    6- التسوية والعدل بين الأطفال
    وحتى يكون الأولاد جميعا متساوين في الحقوق، أراد من الناس أن يسووا بين أولادهم في العطية، فقد روى البخاري في باب الهبة للولد عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما. فقال : «أكل ولدك نحلت مثله؟»، قال : لا ، قال : «فأرجعه»).
    وفي باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر روى البخاري عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود أنها قالت لبلال : سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري؟ فدخل فسأله، قال : «ونعم ولها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة»
    ، فجعل نفقة الأم على أولادها ليس فيه أجر واحد بل أجران. وكان عليه الصلاة والسلام يشعر الأطفال بشخصيتهم، ويربي فيهم روح الفتوة والشباب، ولم يكن تسليمه مقصورا على الكبار، بل كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم ويمح على رؤوسهم ويدعو لهم،
    فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله)
    . وقال ابن حجر : رواه النسائي بلفظ: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار فيسلم على صبيانهم ويمسح على رؤوسهم ويدعو لهم).
    وجعل النبي عليه الصلاة والسلام سن الخامسة عشرة حدا بين الصغير والكبير، وبذلك عجل بنقل الأطفال إلى صف الكبار، وسواء أكانوا ذكورا أم إناثا، بينما لا يزال العالم حتى اليوم لا يدخل في صنف الكبار إلا من بلغ الثامنة عشرة أو الحادية والعشرين.
    روى البخاري في باب بلوغ الصبيان وشهادتهم عن نافع مولى عبد الله بن عمر قال: ( حدثني ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. قال نافع : فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته هذا الحديث فقال: أن هذا لحد بين الصغير والكبير. وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة سنة)
    قال شارحه ابن حجر : ( زاد مسلم في رواية : ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال.
    وقوله «أن يفرضوا» أي يقدروا لهم رزقا في ديوان الجند، وكانوا يفرقون بين المقاتلة وغيرهم في العطاء، وهو الرزق الذي يجمع في بيت المال ويفرق على مستحقيه). ومعنى قول ابن حجر هذا أي أن كل مولود ولد في الإسلام كان يفرض له عطاؤه من بيت مال المسلمين، فإذا أصبح كبيرا ودخل سن المقاتلة المجاهدين يزاد له في العطاء، والحد الأفصل بين الصغير والكبير
    7- تعليم الطفل كل ما يتعلق بأموردينه
    أما عن الجانب الذي يتعلق بدين الطفل توحيده وعبادته
    فقد أورد الإمام البخاري منه أبوابا متعددة في صحيحه مما ثبت عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأساس في هذا تأكيد النبي عليه الصلاة والسلام أن كل طفل يولد فإنما يولد على الاستقامة والصدق والنقاء، وأن الانحراف إنما يصرا على الإنسان بتأثير البيئة المحيطة وأولها الأبوان، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟» قالوا: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال : «الله أعلم بما كانوا عاملين»
    أ-تعليم التوحيد
    وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الصبيان إلى الإسلام ويعرضه عليهم، وهذا دليل على صحة الإسلام منهم،
    فقد روى البخاري في باب كيف يعرض الإسلام على الصبي عن ابن عمر أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ابن صياد (وهو غلام يهودي) حتى وجده يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة، وقد قارب يومئذ ابن صياد يحتلم، فلم يشعر بشيء حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ، «أتشهد أني رسول الله؟» فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الله الأميين، . . .
    وفي باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام ؟ روى عن أنس قال:( كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له «أسلم»، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا قاسم. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقده من النار»)
    ب-تعليم الوضوء والطهارة والغسل
    وبالنسبة لوضوء الطفل
    روى البخاري في باب وضوء الصبيان حديثا فيه وضوء عبد الله بن عباس وصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو طفل، مشيرا بذلك إلى صحة الطهارة والصلاة من الطفل المميز وأنه يثاب عليها،
    وهو عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بت عند خالتي ميمونة ليلة، فنام النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان في بعض الليل قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوضأ من شن معلق وضوءا خفيفا، ثم قام يصلي، فقمت فتوضأت نحوا مما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فحولني فجعلني عن يمينه، ثم صلى ما شاء الله . . .
    أما الغسل فذكر في باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء؟ عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم”
    ج- تعليم الصلاة
    وكان الأطفال يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي، ويصفون خلف الرجال أمام صفوف النساء، وكانوا يشهدون الجمعات والجماعات والأعياد والجنائز،
    وقد روى البخاري في باب خروج الصبيان إلى المصلي عن ابن عباس قال: ( خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى، فصلى العيد، ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة)
    ، وروى في باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلا فقال: «متى دفن هذا؟ قالوا البارحة، قال : «أفلا آذنتموني؟»قالوا : دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك.فقام، فصففنا خلفه، قال ابن عباس وأنا فيهم، فصلى عليه”
    د- بيان الصدقة
    وفرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على رب الأسرة أن يخرج زكاة الفطر عنه وعن أطفاله، وفي ذلك تعويد للطفل على التصدق وأن صيامه لا يكون مقبولا إلا بمواساة المساكين والمحتاجين، وفي باب صدقة الفطر على الصغير والكبير
    روى البخاري عن ابن عمر قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر على الصغير والكبير والحر والمملوك)
    وأشار البخاري إلى أن أموال الصدقات لا تحل إلا لمستحقيها، وأن ولي الطفل ينهاه عن أن يمس أموال الصدقات إذا لم يكن من أهلها، ففي باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة؟
    روى عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالتمر عند صرام النخل، فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره حتى يصير عنده كوما من تمر، فجعل الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعله في فيه، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجها من فيه فقال: «أما علمت أن آل محمد – صلى الله عليه وسلم – لا يأكلون الصدقة؟»
    ه-التعليم والتدريب على الصيام
    وكان أطفال الصحابة رضي الله عنهم يصومون فقد روى البخاري في باب ( صوم الصبيان، وقال عمر رضي الله عنه لنشوان( سكران) في رمضان
    «ويلك وصبياننا صيام»فضربه)
    روى عن الربيع بنت معوذ قالت: ( أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم، قالت: فكنا نصوم صبياننا/ ونجعل لهم اللعبة من العهن(الصوف) فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار )
    ).وهكذا تروي لنا هذه الصحابية رضي الله عنها كيف كانوا يعودون الأطفال الصغار على الصوم ويلهونهم باللعب انتظارا لوقت الإفطار.
    و- بيان حج الصبيان
    وفي باب حج الصبيان روى البخاري عن السائب بن يزيد قال : ( حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين ).
    وأختم هذه المقالة بتعليم الأطفال القرءان وتحفيظهم إياه، فهو غذاء قلوبهم بالإيمان وعقولهم بالعلم والمنهاج، وقد روى البخاري في باب تعليم الصبيان القرءان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصل ). وعبد الله بن عباس من أطفال الصحابة فقد ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ومراده بالمحكم أو المفصل هو الحزب السابع من أحزاب القرءان حسب ما كنا في زمن النبوة وهو من سورة ق إلى آخر المصحف الشريف

العنصر الثانى: حقوق الطفل قبل الولادة؛ :

فأهمها الحق في إحسان اختيار والديه:


لقد جعل الإسلام حسنَ اختيار الوالدين كلاًّ منهما حقًّا للطفل؛ ولذا أمر كلاًّ منهما بإحسانِ اختيار الآخر، ووضع قواعد ومعايير تحقِّق هذا الإحسان في الاختيار؛ وهذه القواعد نستطيع إجمالها في العناصر التالية:
(أ) الاختيار على أساس الدين:
ونقصد بالاختيار على أساس الدين أن يكونَ الاختيارُ على أساسِ الفهم الصحيح والحقيقي للإسلام، والتطبيق العملي السلوكي لكلِّ فضائله السامية وأخلاقه الرفيعة، والالتزام الكامل بمنهجه الشرعي ومبادئه الخالدة على كل حال؛ فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار الزوجة: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفرْ بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يداك))[ صحيح البخاري] ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار الزوج: ((إذا جاءكم مَن تَرضَون دينَه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تَفعَلُوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير))[سنن ابن ماجه،].
(ب) الاختيار على أساس الشرف والأصل:
فقد ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – أسسًا للاختيار؛ منها الحسب في حديث: ((تنكح المرأة لأربع… ولحسبها…))، والقصد من الحديث أن يقصد المسلمون ذاتَ الدِّين أولاً، ولو توفَّر في ذات الدين الحسبُ، أو الجمال الباهر، أو المال الكثير؛ فذلك أفضل، لكنَّ شيئًا من ذلك لا قيمةَ له إن لم يقترنْ بالدِّين.
فالزوجة بمنزلة التُّرْبة التي تلقى فيها البذور، فإن كانتْ صالحة أنبتتْ نباتًا حسنًا،
وقد صدق شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته “
الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا ***أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَعْهَّدَهُ الحَيَا ***بِالرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّمَا إِيرَاقِ
الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَاتِذَةِ الْأُلَى ***شَغَلَتْ مَآثِرُهُمْ مَدَى الْآفَاقِ
فيجب البحث عن الزوجة الطيبة الصالحة، وذلك أيضًا امتثالاً لقول الله – تعالى -: ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾ [النور: 26].
(ج) الاختيار على أساس الملاحة والجمال:
ينبغي أن تكون الزوجةُ على قدرٍ من الملاحة والجمال؛ بحيث تعجب زوجها ويَرضَى بها، والمراد بالجمال الذي يجعله الشرع الشريف أحدَ أسسِ الاختيار، هو الجمالُ الذي يرضى عنه الزوج؛ ليكون رضاه مُعِينًا له على أنْ يغضَّ بصرَه ويحصِّن نفسَه؛ لذا وجَّه النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابيَّ إلى النظرِ لوجهِ مَن يُرِيد زواجَها، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤدَم بينكما))[سنن الترمذي]،
بل يجعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أسباب تفضيلِ المرأة أن تسرَّ زوجها إذا نظر إليها، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((خير نسائكم مَن إذا نظر إليها سرَّتْه، وإذا أمرها أطاعتْه، وإذا غاب عنها حَفِظتْه في نفسها وماله))[سنن أبي داود].
فالإسلام حريصٌ كل الحرص على أن يوفِّر للأولاد الظروف الأسرية المناسبة، التي تساعد على تنشئة صالحة طيبة؛ ولذا يجعل من أسس حسنِ اختيار الزوجين الاختيارَ بناءً على اتصاف الطرفين بالقَدْر الذي يرضى به الآخر من الملاحة والجمال، لكي يساعد هذا على استقرار الأسرة، بدلاً من البحث الدائم من الزوجين عن إشباع الرغبات خارج الأسرة، مما يزعزع الأسرة، وينال من أمانها الاجتماعي.
(د) الاختيار على أساس الودِّ وحُسن الخُلق:
فالزوجان إذا اتَّصَفا بالحرصِ على التوادِّ وحسن الخُلق؛ فإنهما يعملان على إحسان العِشْرة بالمعروف، فلا يكون أحدُهما صخَّابًا ولا شتَّامًا، بل يعرف كلٌّ منهما حقَّ الآخر عليه، وقد ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث: ((خير نسائكم. .. إذا أمرها أطاعتْه)) لونًا من ألوان حسن العِشْرة.
والإسلام حينما يجعل الودَّ، وإحسان العشرة، وإحسان الخُلق أساسًا لاختيار الزوجين؛ فهو بذلك يُرِيد توفيرَ الحياة المستقرَّة الخالية من التنازع والاختلاف والفُرقة في الأسرة؛ وذلك حرصًا منه على توفير الظروف الاجتماعية المناسبة لتنشئة الأولاد تنشئةً سليمة صالحة، خاليةً من الظروف المساعدة على الانحراف والجنوح
الأسرة هي الرابطة المتينة بين الرجل و المرأة و الأولاد، وهي أساس بناء المجتمع، ولتكوين هذه الأسرة لابُد من زواج مبني على أسس و دعائم إيمانية؛ لإنشاء جيل واعٍ راشد مستخلف في الأرض، هذه الأسس حفظها الله تعالى للطفل قبل تخلقه في بطن أمه، و قبل أن ترى عينيه نور الدنيا، ليكون أساساً متيناً لبناءٍ متكاملٍ، تحدثنا مع د. وائل الزرد ليطلعنا على حقوق المولود قبل و بعد ولادته التي كفلتها له شريعتنا الإسلامية، ليعلمها الجاهل بها أو المستغفل لأمرها، ولتزيد العارف فهماً.
قَدْ كَفَل الإسلام للطِّفل حقوقًا كثيرةً؛ تبدأُ العِنايةُ بالطِّفل قبلَ أنْ يدخُل إلى رَحِم أُمِّه؛ ففي الصَّحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلم قالَ: “لوْ أنَّ أحدَكُم إذا أَتى أهلَه قالَ: بسم الله، اللهُمَّ جَنِّبْنا الشَّيطان وجنِّبِ الشيَّطان ما رزقْتنا، فقُضِيَ بينهُما ولدٌ لم يضرّه”.
ثم يعتني الإسلامُ بالطِّفل وهو في الرَّحِم، فتجِبُ النَّفقةُ لأُمِّه المطلَّقةِ إذا كانت حامِلاً؛ قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، ويُعَقُّ عنهُ في سابعِ الوِلادةِ ويُسمَّى؛ ففي السُّنن مِن حديث سمُرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “كلُّ غُلامٍ رهينٌ بعقَيقَتِه تُذْبَحُ عنه يومَ سابِعه ويُحْلَق رأسُه ويُسمَّى”.
يَكْفل لهُ الرَّضاعَ حولينِ كامِلَين، وهي الفترة التي هو فيها أَشدُّ احتياجًا إلى مِثل تلك التَّغذية، قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233].
ثم يعتني بتَرْبِيَتِه على الفضائل وإبْعادِه عنِ الرَّذائلِ، ويُعلَّمُ علومَ الدِّين، ويُدرَّب على الصَّلاة وعلى العبادات الأُخرى، ويُمرَّن على مُمارسَة الحِرَف النَّافعة عن طريق اللَّعِبِ وعن طريق المُشاركَة في المشاريعِ البسيطَةِ، ونحْو ذلكَ

العنصر الثالث :حقوق الطفل بعد الولادة

1- الحقُّ في النَّسَب الثَّابت المُوَثَّق:
فقد قرَّر الإسلامُ للجنين حقًّا في الأصل الوحيد بأنْ شَرَع الزَّواج وجَعَلَه الطَّريقَ الوحيدَ للذُّرِّيَّة والأبناء؛ قال تعالى: {نِساؤكم حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223]، فجَعَلَ الرَّحِم مكانَ الزَّرع والنُّطْفةَ هي البِذرةُ”. والشُّهود مِن شروط العقد في الإسلام، فعندما يتزوَّج المسلمُ يَشهدُ المسلمون على ذلك، وهذا يحفظُ حقَّ الجنينَ في أبوَيْنِ ثابتَيْنِ معلومَين مُوثَّقَين.
2- الحقُّ في بيئةٍ رَحِمَيَّةٍ طاهِرةٍ:
فالرَّحِم هو البيئةُ الأولى التي ينشأُ فيها الجنينُ، وقد حَمَى الإسلامُ هذه البيئةَ وأَحاطَها بسياجٍ عظيمٍ وميثاقٍ غليظٍ بين الرَّجلِ والمرأةِ، فلا يدخُل إلى هذه البيئَةِ إلا ما يزْرَعُه الزَّوجُ ويغْرِسُه بنفسِه، وحرَّم الإسلامُ الزِّنا المؤدِّي إلى تلوُّث البيئةِ بالأمراض الجنسيَّة، وحمَىَ الإسلامُ بيئةَ المرأة من المُسكرات والمُفَتّرات والمُخدِّرات والأطعمَةِ الفاسِدةِ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57]، وحرَّم الإسلامُ الميتةَ والدَّم ولحمَ الخِنزير والطَّعام الحرام، وكلّ هذا يضُمُّ للجنين بيئةً رَحِميَّة نظيفةً خاليةً مِنَ التَّلوُّث والمُفسدات والمُهلكات.
3- حقُّ الطِّفل في الحضانة:
فقدْ كفلَ الإسلامُ للطِّفل الحقَّ في التَّربيةِ والعِنايةِ به صحّيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا؛ بِحيْثُ ينشأُ على الفِطرَة السَّليمةِ السَّويةِ، وكلَّف اللهُ سبحانه وتعالى ورسولُه صلَّى الله عليه وسلم الأبوَين بُحسْن تربيَةِ الطِّفلِ والاهتمامِ به، وإبْعادِه عنِ المضارِّ وحِفْظهِ منَ الهلاك.
4 – حقُّ الطِّفل في الحياة:
وقد سَبقَ بيانُ ذلكَ في حقِّ الجنين، فحقُّ الحياةِ مكفولٌ لِكُلِّ إنسانٍ؛ قال تعالى: {وَلا تَقْتَلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31]، وقال تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 139]، وقالَ تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، وبذلك شدَّد الإسلامُ على قاتلي أطفالِهم وتوعَّدَهُم اللهُ بالخلود في النّار.
5- الحقُّ في المساواة مع باقي الأطفال:
فالإسلامُ ساوى بين النَّاس جميعًا، والله سبحانه وتعالى هو واهِبُ الأولاد؛ قال تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 49 – 50]. مِن هنا وَجَب على الإنسانِ عدمُ التَّدخُّل في نوْع الجنين وإلا حَدَث خَلَلٌ إنسانيٌّ كبيرٌ،
وهذا ما حَدَث في الصِّين عندما حدَّدوا عدَدَ الأولادِ بواحدٍ فَقَطْ تَخيَّر الآباءُ الأجِنَّة الذُّكور وأسْقَطوا الأجِنَّة الإناثِ، وعندما تعلَّم الإنسانُ كيف يتحكَّم في الجنين اختلَّتِ الأمورُ كثيرًا، وعندما استَطاعوا التَّعرُّفَ على نوْع الجَنين انْعكسَ ذلك على نفسيَّة الأبِ -بالذَّات- والأُمَّ عندما علِموا أنَّ المولود بنت.

  • وأنكرَ الإسلامُ التَّمييزَ بينَ الذَّكر والأنثى وأمرَ بالعدلَ بينهم، ومُيِّزَتِ البنتُ بأنْ جَعَلَها اللهُ حِجابًا للآباء منَ النَّار عند حُسْن تربيَتِها، فقد رَوَى الإمامُ أحمدُ في مُسنَدِه، عنْ عُقبةَ بن عامر الجُهَني قال: سمعْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلم يقولُ: “مَنْ كانت له ثلاثُ بناتٍ فصبرَ عليهِنَّ وسَقاهن وكساهُنَّ من جِدَتِه (أي: ماله) كُنَّ له حجابًا منَ النَّار”، وَرَوى مُسلِمٌ عنه صلّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “مَنْ عال جارِيَتَين حتى تَبلُغا، جاء يومَ القيامة أنا وهو – كهاتَيْنِ- وضَمَّ أصابِعَه”، وهذه أكبرُ وصيَّةٍ بِحُسْن تربيةِ البناتِ، يُحشَرُ المسلمُ معَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم بِحُسْن تربيتِهِنَّ، وكان صلّى اللهُ عليه وسلم إذا رأى فاطمةَ الزَّهراءَ رضي الله عنها قادِمَةً قامَ لها عن مجلِسِه، وأخذَ بِيدِها فقبَّلها.
  • وعابَ اللهُ على الجاهليَّة كُرهَ البنات فقال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58 – 59].
    6 – حقُّ الطِّفل في التَّربية والتَّعليم:
    حقُّ التَّربية والتَّعليم مِنَ الحُقوق الرَّئيسية لكُلِّ المسلمين، ويبدأُ هذا الحقُّ مِنَ الطُّفولَةِ، وعندما قالَ اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارةُ} [التحريم: 6]
    ، قالَ الإمامُ عليُّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: “أي: علِّموهُم وأدِّبوهُم”. ويقولُ ابنُ القيِّم رَحِمَه اللهُ في “تحفة المودود”: “فمن أهملَ تعليمَ وَلَدِه ما ينفعُه وتركَهُ سُدى، فقدْ أساءَ إليه غايةَ الإساءَةِ، وأكثرُ الأولادِ إنَّما جاءَ فسادُهم مِن قِبَل الآباءِ وإِهْمالِهم لهم، وتَرْكِ تعليمِهم فرائضَ الدِّين وسُنَنِه فأَضاعُوهُم صِغارًا فلم ينتَفِعوا بأنفسِهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا، وكمْ مِن والدٍ حَرَم ولَدَه خيرَ الدُّنيا والآخِرَةِ وعرَّضَه لِهلاكِ الدُّنيا والآخِرَةِ، وكُلُّ هذا عواقبُ تفريطِ الآباءِ في حُقوقِ الله وإِضاعَتِهِم لَها وإِعراضِهم عمَّا أوْجَبَ اللهُ عليهم مِنَ العلم النَّافع والعملِ الصَّالح.
    7 – حقُّه في اللَّعب المُباح:
    ومِن قَواعِد التَّربية الإسلاميَّة مُداعَبةُ الطِّفلِ لسبْع سِنينَ، وتعليمُهُ لِسَبْع سنين، ومصادقتُه لِسبْع سِنين، وقد كانَ المصطفى صلى الله عليه وسلم يداعِبُ الأطفالَ فقالَ لمِنْ مات عُصْفورُهُ مِنَ الأطفال: “يا عُميْر ما فعل النُّغَير؟” وهو الطائرُ الصَّغير، و?
عدد المشاهدات : 17

No comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *